حملة تشوية تكاد تكون شبه ممنهجة تستهدف شخصيات سياسية ومجتمعية من حركة حماس من جهات مجهولة عبر بث معلومات غير حقيقية عنهم في مواقع التواصل الاجتماعي، يقدر خبراء أمنيون، أنها تتبع لأجهزة استخبارات تابعة للسلطة الفلسطينية وللاحتلال الإسرائيلي تهدف للنيل من مشروع المقاومة وإبعاد الحاضنة الشعبية عنها.
ويرى الخبراء أن الهدف من هذه الحملات ليس ضرب الشخصيات المستهدفة أنفسهم بل تعميم الحالة لزيادة تشويه التنظيم الذي ينتمون إليه.
مساران
الباحث في مجال الإعلامي السياسي والدعاية حيدر المصدر، حدد مسارين لهذه الحملة، الأول فلسطيني داخلي يأتي في إطار المنافسة السياسية بين بعض التنظيمات التي لها مصلحة بكسر صف التنظيم الآخر، وهي سياسة تتبعها حركة فتح حاليًّا لمحاولة تشويه شخصيات بحركة حماس، عملًا بمبدأ تصيد الأخطاء لإحداث رأي عام معارض وكاره لها، من خلال انتقاء حالة من أجل تعميمها.
والمسار الثاني كما يقول المصدر لصحيفة "فلسطين" يستخدمه الاحتلال الإسرائيلي، فيعتمد على مبدأ زيادة الفرقة ببث معلومات وإشاعات على أمل أن يتم تداول المعلومات لصب الزيت على نار الانقسام، واستغلال رغبة الناشطين في إيجاد معلومات لاستخدامها ضد الطرف الآخر.
عن تعاطي الجمهور الفلسطيني مع هذه الحملات الدعائية، أضاف: "طالما الجمهور الفلسطيني متحزبًا في غالبيته، فإنه لن يكون له دور محايد، إذ إن كل فئة متحزبة ستتعامل مع المعلومات بما يخدم رؤيتها التنظيمية، فيتم تقديم الأيديولوجيا على الوعي الإيجابي المفترض.
ويعرف المصدر هذا الأسلوب بأنه تكتيك "الاختيار"، إذ يتم اختيار شخص يتم استهدافه من أجل تعميم الحالة، ويتم خلالها تدخل جهات استخباراتية للمساعدة في تزويد مروجي الحملة الدعائية بالإشاعات.
وعن تداعيات الحملة، قال: إنها تهدف لاغتيال الشخص المستهدف معنويًّا، وعلى مستوى التنظيم الذي ينتمي إليه يتم زيادة تشويهه بما يخدم محاولة إبعاد الحاضنة الشعبية عنها، مبينًا أن الحملة الجارية حاليًّا تتزامن مع الدعوة لإجراء انتخابات فلسطينية، وخلال فترة الانتخابات تستخدم الأطراف ما تعده سيئًا بالطرف الآخر من سلوك أو إجراء لإثبات أنه غير مؤهل لقيادة الشعب.
وحول طرق التصدي لها قال: إن "الكذب لا يحارب إلا بالحقيقة، فكلما كانت موضوعات الإشاعة كاذبة يجب أن تبادر الشخصيات المستهدفة باستخراج الحقيقة وطرحها أمام الجمهور لإحراج الطرف الآخر وضرب مصداقيته"، لافتًا إلى أنه من السهل مواجهة الكذب الصريح من خلال التفنيد.
ولفت إلى أن هناك شخصيات من حماس تتعرض لحملة تشويه واسعة، وعليه فإن كل شيء يشكل مدخلًا يساعد على التشويه سيتم استخدامه من تلك الأطراف، ويتم خلالها عشوائية في الانتقاء مع اختلاف الأساليب بين كل شخصية.
حملة ممنهجة
الخبير في الشؤون الأمنية د. إبراهيم حبيب من ناحيته يقول: "إن ما يجري حاليًّا هي حالة من الاستهداف الواضحة لشخصيات بعينها من فصائل مختلفة، تسير بطريقة ممنهجة بدأت ببعض الشخصيات ويبدو أنها لن تتوقف، ومن ثم تنتقل لمجموعة أخرى.
وأضاف حبيب لصحيفة "فلسطين" أن الحملة تأتي في وقت تقدمت الفصائل بمبادرة للمصالحة، وباتت تلك الفصائل أكثر قربًا من حركة حماس، ومن ثم تعمل أطراف فلسطينية أخرى على إبعاد موقف الفصائل عن حماس، وإذا ما تم التوافق على إجراء انتخابات فإن الحملة ستترك أثرًا سلبيًّا على رؤية المواطن الذي يعيش حالة من الألم.
وعن تعامل حركة حماس مع الحملة، قال حبيب: "إنه يحسب لحركة حماس أنها لا تتعامل بنفس منطق وأسلوب أصحاب الحملة، ولا تلجأ لاستخدامه رغم أن لديها ربما الكثير من المعلومات والأشياء التي قد تفضح قيادات كبيرة يرتبطون بمنفذي الحملة".
ولفت إلى أن الجمهور في النهاية يتأثر بنسب متفاوتة بالدعاية، فالجمهور ليس ملائكيًّا وحالة الضيق التي يعيشها المواطن تجعله أكثر تصديقًا إذا ما ارتبطت ببث إشاعات تتحدث عن البذخ، وعلى المسؤولين تقديم ما لديهم لدحضها.