من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة أعلن الرئيس محمود عباس أنه فور عودته للأراضي الفلسطينية سيعلن الانتخابات العامة.
هذه الدعوة جاءت في اليوم نفسه الذي أعلنت حركة حماس موافقتها على رؤية وطنية لتحقيق الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام، قدمتها ثمانية فصائل فلسطينية، هي: الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية وحزب الشعب الفلسطيني وحركة فدا والمبادرة الوطنية والصاعقة والجبهة الشعبية القيادة العامة، وهم جميعًا من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، إضافة إلى حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين.
حسب بنود الرؤية الوطنية إن المرجعيات لإنجاز المصالحة الفلسطينية واستعادة وحدة التراب الوطني والنظام السياسي الفلسطيني هي اتفاقيات القاهرة (2005-2011-2017م) وإعلان بيروت 2017م، وجوهر المبادرة يقوم على ثلاثة مرتكزات، هي:
1. الإستراتيجية الوطنية لمواجهة التحديات، والقرار السياسي الموحد، بعقد الإطار القيادي الموحد لمنظمة التحرير الفلسطينية في القاهرة بحضور الأمناء العامين للفصائل.
2. توحيد مؤسسات النظام السياسي الفلسطيني بتوحيد القوانين الانتخابية وتشكيل حكومة وحدة وطنية.
3. العودة للشعب الفلسطيني بانتخابات شاملة رئاسية وتشريعية وانتخابات مجلس وطني.
وما يميز المبادرة وجود سقوف زمنية لتنفيذ كل بند، بحيث تطبق بنود المبادرة كاملة حتى منتصف 2020م.
السؤال المطروح: في أي إطار تأتي دعوة السيد محمود عباس لإجراء الانتخابات العامة؟
ثمة ثلاثة احتمالات تقف خلف دعوة الرئيس محمود عباس، وهي:
- هروب إلى الأمام باتجاه المناورة السياسية داخليًّا وخارجيًّا، داخليًّا بإشغال الساحة الفلسطينية بطرحه، وجدلية التزامن في العملية الانتخابية، وموافقة (إسرائيل) على إجرائها بالقدس وما شابه ذلك؛ فيضعف تأثير المبادرة شعبيًّا، ويسود جدل داخلي بين أنصار الرؤية الوطنية وأنصار فتح، فتسقط ورقة الفصائل دون أن يسجل التاريخ رسميًّا على فتح أنها رفضت رؤية وطنية لاقت قبولًا واسعًا داخل أوساط ومكونات شعبنا، وخارجيًّا بالتلويح بورقة الانتخابات التي تشكل ورقة لخلط الأوراق أمام تمرير صفقة القرن.
- قبول الرئيس رؤية الفصائل الفلسطينية مع استثناء ما يتعلق بمنظمة التحرير الفلسطينية، لكون الدعوة لانتخابات هي جزءًا من الرؤية الوطنية، وتنفيذ الانتخابات بحاجة لحكومة وحدة وطنية وتوحيد القوانين الانتخابية وتهيئة المناخ والبيئة لإجرائها.
- لم يحدد الرئيس موقفه بعد من رؤية الفصائل، وأن الخطاب كان مكتوبًا قبل تقديم الفصائل الرؤية الوطنية، ويهدف الرئيس عباس في تلك الدعوة إلى لفت انتباه المجتمع الدولي، وكأنه يحذرهم أن انسداد الأفق السياسي يستوجب انسحابه من المشهد، وهو ما قد يأتي بحركة حماس إلى سدة الحكم.
إن تغليب خيار على آخر يتوقف عند زاوية الرؤية لحركة فتح تجاه الرؤية الوطنية للفصائل، فإن غلبت حركة فتح المصلحة الوطنية العامة على الحزبية الخاصة؛ فإن فرص قبول الرؤية الوطنية ستكون قويّة، أما إن كان العكس أي تغليب المصلحة الحزبية الخاصة على المصلحة الوطنية العامة؛ فإن خيار الهروب إلى الأمام هو الأكثر ترجيحًا.