فلسطين أون لاين

​العيسوية تنتفض

كأنها جبهة حرب، فهي لا تنام ولا تدع الاحتلال ينام، فهناك صوت الرصاص الحي وصوت انفجارات لقنابل صوتية، وهناك صراخ الجنود وطرق الأبواب بقوة، وهنا وهناك قنابل مسيلة للدموع، وصوت سيارات الإسعاف لا يتوقف، إنها بلدة العيسوية المقدسية.

ما حكاية هذه القرية التي تقع شمال مدينة القدس، وتحديدًا منتصف الطريق بين قرى عناتا، وشعفاط، والطور، ويحيط بأراضيها أراضي قرى عناتا، وشعفاط، والطور، والخان الأحمر، والقدس؟

كل ليلة تمر على العيسوية فيها جفون لا تعرف النوم، وهي تصدرت المشهد أخيرًا بتكرار تحديها ورفضها للاحتلال، وتعيش انتفاضة متواصلة لا تتوقف، فكل ليلة لها صولة وجولة مع جنود وشرطة الاحتلال الذين يقتحمون حاراتها لشن حملات اعتقال، باتت شبه يومية طالت اعتقال أكثر من عشرين شابًّا الليلة قبل الماضية.

كل ليلة تقريبًا يشن الاحتلال حملة اعتقالات في قرى وبلدات وأحياء القدس المحتلة، يكون نصيب العيسوية الأعلى منها.

حتى أطفال العيسوية لم يسلموا من هوس الاحتلال الأمني، فقد كان آخر ضحايا الاحتلال من أطفال العيسوية هو الطفل المقدسي محمد عليان (4 سنوات)، الذي استدعي بحجة إلقاء حجارة باتجاه مركبة لقوات الاحتلال خلال اقتحامها البلدة، والطفل قيس فراس عبيد (6 سنوات) الذي استدعي بحجة إلقاء عبوة عصير كرتون صغيرة نحو الجنود.

قلعة العيسوية باتت حملًا ثقيلًا على الاحتلال، الذي يشن حملة تنكيل واعتداءات في البلدة، وهي آخذة بالتصاعد خلال هذه الأيام، إذ الاقتحامات اليومية، خاصة في ساعات الليل، والاعتقالات على مدار الساعة، ونصب الحواجز على المداخل، وتوزيع إنذارات هدم في البلدة، وغيرها كثير.

فضلًا عن الاعتقالات تسلم مخابرات الاحتلال بلاغات لمراجعتها لمن تظن أنهم يقاومون، وليظن أن مخابرات الاحتلال دقيقة وتعرف كل صغيرة وكبيرة، فقد استدعوا ليلة الإثنين الشاب يزن نعاجي وهو طالب يتعلم بالخارج، واستدعت مخابرات الاحتلال الطفل محمود محمد رشاد (١٠ سنوات).

كل ليلة تقريبًا تشهد العيسوية مواجهات عنيفة في ساعة متأخرة، عقب اقتحام العشرات من قوات الاحتلال الخاصة والشرطة أحياء القرية بهدف الاعتقالات أو الاستدعاءات أو إنذارات هدم وطرد للسكان المقدسيين.

تتعمد شرطة الاحتلال استفزازها السكان المقدسيين في العيسوية بالانتشار في شوارع القرية وتوقيف الشبان وإهانتهم وإذلالهم، واستخدام القنابل والأعيرة المطاطية بين المنازل السكنية وداخل الأحياء عشوائيًّا.

ما الذي يجري بالعيسوية؟، ففي العيسوية تقتحم قوات الاحتلال بعناصرها المختلفة أحياء وحارات العيسوية، وتعتقل من يزعم الاحتلال أنهم يقاومون الجنود والشرطة والمستوطنين، لتسويغ عمليات الاعتقال.

باستعراض شهادات أهالي العيسوية نجد أن الأمر لا يتوقف عند الاعتقالات، إذ تفرض قوات الاحتلال على قرية العيسوية حصارًا عسكريًّا محكمًا ومشددًا منذ أكثر من شهرين، يتخلله اقتحامات يومية للبلدة ودهم منازلها ومتاجرها، وتوقيف المركبات والمارة.

جنود الاحتلال والقوات الخاصة من المستعربين، وشرطة الاحتلال، وجنود ما يسمى حرس الحدود لا تفارق قرية العيسوية على مدار الساعة، بحثًا عمن تسميهم "مطلوبين"، أو ملقي الحجارة، أو أطفال صغار.

ويجمع أهالي العيسوية أن الاحتلال بممارساته العدوانية لن ينسيهم حب المسجد الأقصى والقدس والدفاع عنها، مهما كلفهم من شهداء ومعتقلين وهدم منازل، وإقامة جبرية أو إبعاد عن المسجد الأقصى.

من شهادات وإفادات لمراكز حقوقية تبين أن معظم المعتقلين حتى الأطفال من العيسوية ضربتهم ونكلت بهم قوات الاحتلال وشرطته، وأن الاحتلال يتعمد أن يعتقل من هم أصغر من السن القانونية والتحقيق معهم في غياب والديهم المخالف للقانون الدولي الإنساني.

لسان حال المقدسيين جميعًا -ومنهم أهالي بلدة العيسوية- إننا في مقاومة شعبية وانتفاضة لا تتوقف حتى كنس الاحتلال، مهما غلت التضحيات، فلأجل حرية القدس والمسجد الأقصى المبارك ترخص الأرواح.