فلسطين أون لاين

الاحتلال يماطل في تقديم العلاج اللازم له

الأسير إصرار البرغوثي.. "اسم على مسمى" رغم الآلام

...
صورة أرشيفية
رام الله-غزة/ حازم الحلو:

"اسم على مسمى"، تنطبق هذه المقولة المستخدمة في وصف الشيء الذي يشابه ظاهره باطنه، وفعله قوله على الأسير الفلسطيني إصرار البرغوثي (40 عامًا)، فهو ذلك الشاب الذي يتحدى المحتل، قبل أسره وبعده، فما قصته؟

يبدأ أكثم البرغوثي سرد قصة شقيقه الأسير إصرار البرغوثي من بلدة كوبر شمال غرب مدينة رام الله، من لحظة خروجه من منزله في 26 كانون الآخر (يناير) 2008م، متوجهًا إلى بلدة الرام شمال القدس المحتلة، بقصد تجهيز أثاث المنزل ليستعد لزواجه المرتقب، ولكن فاجأه جنود الاحتلال على مدخل البلدة لينزلوه من السيارة عنوة بممارسات عنيفة جدًّا.

وبحسب رواية أكثم، أبى الأسير إصرار أن يستكين أو يرضى بما فعله جنود الاحتلال، بل حاول أن يقاومهم بكل ما يستطيع، وإن كانت استطاعته لم تتجاوز العراك باليد الفارغة، لكن كثرة بنادق الجنود غلبته فخرت قواه الجسدية وتمكن الاحتلال منه.

ويذكر في حديثه إلى صحيفة "فلسطين" أن مقاومة إصرار للأسر قد أغاظت جنود الاحتلال، الذين أبقوه مقيدًا في الشارع وتحت زخات المطر، وهو ما لم يحتمله إصرار؛ فهاج على الجنود مرة أخرى، محاولًا الدفاع عن نفسه والانتصار لكرامته، فما كان من هؤلاء الجنود إلا أن انهالوا عليه ضربًا، وأطلقوا النار على قدميه من مسافة صفر، ليردوه أرضًا وتنزف جراحه دمًا يختلط بماء المطر المنهمر.

ويواصل أكثم سرد قصة شقيقه التي للتو بدأت مع الإصابة بعد الأسر، فيقول: "إن جنود الاحتلال نقلوا شقيقي الأسير إصرار جريحًا إلى مستشفى "هداسا" ليمضي 57 يومًا في غيبوبة تامة، احتاج خلالها إلى عشرات الوحدات من الدم، وأبلغونا أنه ستبتر قدماه، لكن لاحقًا سلم من البتر، ووضعت في قدميه مسامير من البلاتين نظرًا لحالة العظام التي كانت متهشمة تمامًا تقريبًا".

ويذكر أن إصرار خضع لأكثر من 11 عملية جراحية في قدميه، لكن آثار تلك العلميات أنتجت قدمًا أطول من الأخرى، فضلًا عن حاجته لعلاج تأهيلي ليستطيع المشي طبيعيًّا.

ويشير إلى أن الاحتلال يتعنت في إدخال بعض الأدوات الطبية التي يحتاج إليها شقيقه لمواصلة رحلة العلاج، فيرفض إدخال المشدات الطبية التي يحتاج لها لتخفيف آلام قدميه، فالآلام تتضاعف مع دخول فصلي الصيف والشتاء، بسبب البلاتين الموجود في قدميه.

حساسية في العينين

ولا تقتصر معاناة الأسير البرغوثي على حاجته لاستكمال علاج قدميه، إذ يفيد أكثم أنه يعاني حساسية شديدة في عينيه، وهو في حاجة ماسة إلى العلاج، لكن الاحتلال يرفض حتى اللحظة الموافقة على إجراء العملية الجراحية اللازمة، ليصبح الوقت سيفًا مسلطًا على رقبة إصرار، وقد تتضاعف المشاكل الصحية في عينيه، إذا طال عليها أمد التسويف أكثر.

ويبين أكثم أن محاكم الاحتلال الجائرة أصدرت بحق شقيقه حكمًا بالسجن الفعلي 15 عامًا، بتهمة محاولة طعن جندي إسرائيلي.

ويتعمد الاحتلال أن يضع الأسير البرغوثي في سجون تنتشر فيها نسبة عالية جدًّا من الغبار، لمضاعفة الأضرار التي أصابت عينيه، فيحتجز حاليًّا في سجن بئر السبع الذي يتسم بارتفاع درجة الحرارة وانتشار الأتربة والغبار فيه.

ويلفت أكثم إلى أن ما يضاعف معاناة الأسير البرغوثي هو مرض أمه الذي أقعدها خلال المدة الماضية، فلم تعد قادرة على زيارته والاطمئنان عليه، فضلًا عن أن الاحتلال أسر شقيقتها وداد وأبناءها، لتظل الأم تتجرع كؤوس الحزن والحسرة على ابنها من ناحية، وعائلة شقيقتها من الناحية الأخرى.

ويتهم أكثم المؤسسات الدولية التي من المفترض أنها تدافع عن حقوق الأسرى بأنها "كيانات وهيئات تقتات على الدعاية والبيانات الجوفاء التي لا تغني ولا تسمن من جوع"، قائلًا: "هاهم الأسرى تطحنهم سياسة الإهمال الطبي دون وقفة جدية وحقيقية لوضع حد لمعاناتهم".

ويشدد الشقيق الأكبر لإصرار على أن الأمل معقود بعد الله في إنهاء معاناة الأسرى على المقاومة الفلسطينية، التي لاشك لديه في أنها تضع قضية الأسرى على رأس أولوياتها، "فهم الذين كتبوا بسنوات أعمارهم وأجسادهم الموجوعة فصل البطولة الأعظم في التاريخ الفلسطيني" على حد قوله.