لا يزال مشهد تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة معقدًا بعد نتائج الانتخابات الإسرائيلية، الأسبوع الماضي، التي أفرزت فوز حزب "أزرق-أبيض" بزعامة بيني غانتس بـ33 مقعدًا مقابل 31 لـ"الليكود" بزعامة بنيامين نتنياهو.
وسيبدأ رئيس الكيان العبري رؤوفين ريفلين، اليوم الأحد، مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة مع رؤساء الكتل البرلمانية التي تتعارض مع بعضها بعضًا.
خيارات صعبة
ويعتقد المختص في الشأن الإسرائيلي عبد اللطيف الحصري، أنه لا خيارات متعددة أمام نتنياهو، واصفًا موقعه الآن بأنه "في طريق مسدود".
ورأى الحصري في حديثه لصحيفة "فلسطين"، أن نتنياهو أمام خيارين أحدهما تشكيل حكومة وحدة مع غانتس، أو الذهاب لمواجهة محاكمته بملفات الفساد التي ستبدأ نهاية الشهر الجاري، "وقد يجد نفسه بعد فترة قصيرة داخل السجن".
وقال: "نتنياهو وصل نهاية فترته السياسية، فإما ينحني أمام العاصفة ويشكل حكومة وحدة وإما يذهب لمواجهة مصيره".
واستدرك: هناك سيناريو خطير قد يلجأ إليه نتنياهو في حالة انسداد الأفق السياسي، كالتصعيد العسكري سواء مع الشمال (حزب الله) أو مع غزة، فهذا السيناريو يتيح له الدعوة لإقامة "حكومة طوارئ".
ونبه إلى أن نتنياهو يبحث حاليًّا عن تصعيد عسكري محدود مع غزة أو لبنان لإنقاذ موقعه السياسي، واصفًا إياه بـ"الانتهازي الذي يقدم مصلحته الشخصية بهدف الإفلات من ملفات الفساد التي بدأت تلتف أكثر حول عنقه".
ولفت الحصري إلى أن "أزرق-أبيض" لا يعارض تشكيل حكومة مع حزب "الليكود"، لكن دون نتنياهو، مرجحًا أن يكون السيناريو الأقرب للواقع أن يتجاوز "الليكود" عقبة نتنياهو ويطيح به ويتحالف مع غانتس.
وهناك معضلة أخرى أمام غانتس، وفق الحصري، أنه لا يريد التحالف مع القائمة العربية المشتركة، ومعضلة أخرى أمام نتنياهو بأن ليبرمان لا يريد الانضمام لمعسكره بسبب قانون "التجنيد".
ورجح المختص في الشأن الإسرائيلي أن يقوم رئيس الكيان بإجراء اتصالات مع كل الأحزاب الفائزة، للحصول على 61 توصية منهم لاختيار رئيس حكومة: إما "غانتس أو نتنياهو"، وأمام النتائج الحالية قد يكلف من يحظى بأعلى توصية بتشكيل الحكومة.
أما المختص في الشأن الإسرائيلي عماد أبو عواد، فاختلف برأيه مع سابقه حول لجوء نتنياهو لخيار التصعيد العسكري، مذكرًا بأن فترة "حكومة الطوارئ ستنتهي مع انتهاء التصعيد ويعود لنفس المشكلة الأساسية (تشكيل الحكومة)".
ورجح أبو عواد في حديثه لصحيفة "فلسطين" ثلاثة سيناريوهات إسرائيلية: أولها تشكيل حكومة وحدة، أو عودة ليبرمان لكتلة اليمين مع حصوله على تنازلات من نتنياهو، أو أن ينضم حزب العمل لليمين الإسرائيلي.
وقال: إن "الخيارات صعبة أمام الأحزاب الإسرائيلية، وإن استمرار الرفض من الجميع يعني الذهاب لانتخابات ثالثة، وقد تكون في صالح الليكود الذي يبدو أكثر استعدادًا من الأحزاب الأخرى إليها".
ولفت إلى أن نسبة مشاركة الجمهور الإسرائيلي بالانتخابات الثالثة -إن تمت الدعوة إليها- لن تكون مثل سابقاتها.
الفساد والانسحاب
وأمام الخيارات الصعبة التي تواجه الأحزاب الإسرائيلية عامة، ونتنياهو خاصة، فإن الأخير يحاول إنقاذ نفسه سواء داخل الحكومة أو خارجها.
وكانت القناة "13" العبرية قالت إن نتنياهو يبحث إمكانية السعي للحصول على عفو من رئيس الكيان في القضايا التي من المحتمل أن يدان فيها، وذلك مقابل مغادرة الساحة السياسية.
وقال المختص في الشأن الإسرائيلي عباس زكور: إن الأخبار السابقة "مجرد تسريبات وليست حقائق على الأرض".
وأضاف زكور: "نتنياهو يدرك أنه إذا لم يكن رئيس الحكومة قد يعرض نفسه للسجن"، مشيرًا إلى أن نتنياهو يريد عفو رئيس الكيان لإدراكه "أن العفو العام منه أقوى من عفو المحكمة".
وأكد أن الأبواب كافة مغلقة في وجه نتنياهو لتشكيل الحكومة، "فلديه خلاف عميق مع ليبرمان، بعد أن ارتفعت مقاعد الأخير بسبب إعلانه أنه لا يريد دولة دينية، في حين
أن الأول متحالف مع المتدينين الذين لا يريد ليبرمان التواجد بحكومة معهم".
ونبه زكور إلى أن الأحزاب العربية التي حصلت على 13 مقعدًا كان لها دور في رسم المشهد السياسي الإسرائيلي. وعلل ذلك: "لولا تلك المقاعد لحصلت أحزاب اليمين على نسبة أعلى من الأصوات والمقاعد، وانتهى الأمر".