مع إعلان نتائج الانتخابات الإسرائيلية، تشهد الحلبة السياسية سباقا محتدما بين الحزبين الكبيرين: الليكود وأزرق-أبيض، وبدأ زعيماهما بنيامين نتنياهو وبيني غانتس مشاوراتهما الائتلافية لتشكيل أوسع تحالف حكومي متوقع.
هذه التطورات تطرح تساؤلات حول فرص تشكيل الحكومة، ومعوقاتها، وهل تذهب إسرائيل لانتخابات ثالثة، أم يضطر الليكود للإطاحة بزعيمه، كي يشكل حكومة وحدة وطنية؟ وهو سيناريو لم تشهده إسرائيل في تاريخها، فما مدى فرص تحققه؟ وما نقاط الضعف والقوة لدى نتنياهو الذي قد ينتقل من مقعد رئيس الحكومة إلى السجن بتهم الفساد؟
الساعات الأخيرة شهدت ازدحام وسائل الإعلام بأخبار وتسريبات متلاحقة حول استعداد رئيس الكيان رؤوفين ريفلين لبدء مشاوراته مع الكتل الفائزة في الانتخابات؛ والاستماع لترشيحاتها حول هوية رئيس الحكومة.
في مختلف السيناريوهات المتوقعة يبقى حزب إسرائيل بيتنا بزعامة أفيغدور ليبرمان صاحب المقاعد الثمانية بيضة القبان لتشكيل أي حكومة قادمة، فيمسك بين يديه بالفيتو، فإما يمنحها الثقة، أو يحجبها عنها.
بات واضحًا أن إسرائيل تعيش هذه المرحلة أزمة دستورية غير مسبوقة، فرغم تراجع نتنياهو الانتخابي، لكنه عثر فجأة على إمكانية لتشكيل حكومة أخرى، وهي حكومة وحدة موسعة، مما يجعله يقلب الأسطوانة بصورة معاكسة، لأنه فهم جيدًا أنه يعيش مشكلة عسيرة، فالانتخابات الأخيرة عرقلت نيته إقامة حكومة حصانة تحميه من المحاكمة والسجن.
يتداول الإسرائيليون جملة احتمالات لتشكيل الحكومة القادمة، أولها، رغم استبعاده، أن يحصل نتنياهو على تفويض لتشكيل الحكومة بالفعل، وهذا الاحتمال قد يتم إن نجح بإقناع عمير بيرتس زعيم حزب العمل-غيشر بالجلوس معه، أو يحدث انشقاقات من حزب أزرق-أبيض، مع احتمال ضعيف بأن ينجح نتنياهو بإقناع ليبرمان بخيانة جميع وعوده الانتخابية، والدخول للحكومة اليمينية الحريدية.
ثاني الاحتمالات تفويض غانتس بتشكيل الحكومة، وستكون مهمته جلب الليكود للجلوس معه، وهذه عملية معقدة للغاية، طالما أن نتنياهو لن يستقيل من قيادته، مما يبرز فرضية الإطاحة به من زعامة الحزب.
ثالث الاحتمالات تشكيل حكومة وحدة وطنية بالتناوب بين نتنياهو وغانتس، إذا نجح ليبرمان بإجبارهما على ذلك، لكن مثل هذا الاحتمال سيجبرهما على تقديم تنازلات كبيرة، أما رابع الاحتمالات التي لا يريد أحد أن تتحقق فتتمثل بالدعوة لانتخابات ثالثة مع غياب المرشح المناسب لتشكيل الحكومة.
لم يعد سراً أن الأحزاب الإسرائيلية تمارس سياسة من الابتزاز على بعضها بعضًا، بغرض تحصيل أكبر قدر من الإنجازات السياسية والمصالح الحزبية، ما يفسح المجال أمام عدد محدود من السيناريوهات لتشكيل الحكومة، ويبدو أنها بعيدة عن التنفيذ، ما قد يعبد الطريق نحو السير للمرة الثالثة إلى الانتخابات.