حقّقت حكومات رام الله التي أمر رئيس السلطة محمود عباس بتشكيلها في سياقات غير قانونية، رقماً قياسياً في إطلاق الوعود "الوهمية" للشعب الفلسطيني، والتي كان آخرها الوعود الأخيرة لرئيس وزراء رام الله محمد اشتية لأهالي قطاع غزة، بتحسين أوضاعهم المعيشية.
ومنذ أن شكّل اشتية حكومته في أبريل/ نيسان الماضي، أخذ على عاتقه استكمال "الوعود الوهمية" التي حققت "صفراً كبيراً" من الانجازات، عبر إصدار التصريحات الإعلامية دون التنفيذ الفعلي على أرض الواقع.
وكان آخر ما صرّح به اشتية خلال لقائه عبر قناة "الميادين"، أول من أمس، بوجود توجيهات من عباس لإنصاف الموظفين في غزة، سيّما "تفريغات 2005، والتقاعد المالي"، قائلاً "سنبقى أوفياء لهموم الناس في غزة سواء تمت المصالحة أم لم تتم"، مضيفاً "لدينا علم مسبق بكل ما تقوم به قطر في غزة".
ويشكك مراقبون بمصداقية تصريحات اشتية، ومدى إمكانية تنفيذها على أرض الواقع، سيّما في ظل الواقع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه قطاع غزة، نتيجة الإجراءات العقابية التي فرضتها السلطة، وطالت جميع مناحي الحياة.
للاستهلاك الإعلامي
ويرى المحلل السياسي د. هاني البسوس، أن تصريحات اشتية تأتي في إطار "الاستهلاك الإعلامي وبيع الأوهام للشعب الفلسطيني".
وقال البسوس خلال اتصال هاتفي مع "فلسطين": إن اشتيه لا يستطيع تنفيذ أي قرارات سياسية بشأن غزة تحديداً، إلا بموافقة عباس، مشيراً إلى أن الأخير هو الذي يضع العصا في دواليب أي
إجراءات تخفيفية عن غزة.
وأوضح أن عباس يشترط تسليم السلطة بشكل كامل في قطاع غزة، والاستمرار بسياسة التفرد بعيداً عن الشراكة السياسية مع الفصائل الفلسطينية، "لذلك لن ينفذ اشتية أيٍ من وعوداته"، وفق قوله.
وأضاف البسوس: "من الصعب أن تتحمل السلطة جميع الأعباء السياسية والاقتصادية بعيداً عن الفصائل الفلسطينية، خاصة أنها تعيش أيضاً أزمة خانقة".
وبيّن أن السلطة تمتلك الامكانيات لإجراء بعض التحسينات في القطاع، "ولو بشكل طفيف" لكنها لا تستطيع تنفيذها إلا بموافقة عباس، وهو ما يرفضه الأخير، لافتاً إلى أن السلطة تولي اهتماماً أكبر في تحسين أوضاع الضفة.
وطالب البسوس، السلطة بضرورة اتخاذ خطوات فعلية سريعة تساهم في التخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
ويتفق مع ذلك المحلل السياسي وسام أبو شمالة، مستبعداً أن تحدث حكومة اشتية أي تغييرات جذرية في توجهات السلطة تجاه قطاع غزة، في ظل وجود عباس على رأس هرم السلطة.
ورأى أبو شمالة خلال حديثه مع "فلسطين"، أن سياسة اشتية لن تختلف كثيراً عن سياسات الحكومات السابقة، معتبراً أن تصريحات اشتية "لا تعكس إلا إرادة عباس التفردية".
وقال: إن "المطلوب هو إجراء تغيير حقيقي في المشهد السياسي، من خلال تجديد الشرعية وإعادة الاعتبار للمؤسسات الفلسطينية بما يضمن استمرارية مقاومة الاحتلال".
وجدّد أبو شمالة تأكيده على ضرورة التخلي عن الاتفاقيات التي وقعتها السلطة مع الاحتلال ووقف المفاوضات العبثية، والعودة لإرادة الشعب الفلسطيني، من أجل مواجهة إجراءات الاحتلال وكل ما يُحاك ضد القضية الفلسطينية.