بدأت منذ فترة في تنظيم دورات وملتقيات تتعلق بالتدريب على كتابة المقالات، من باب اكتشاف الكتاب الجدد لمنحهم الفرصة للمشاركة في رسم مظاهر الحياة المجتمعية، ورب كلمة يكتبها أو فكرة يقدمها كاتب جديد تنقذ الكثيرين من براثن اليأس وتنقل حياتهم نقلة نوعية إيجابية.
وإزاء هذه الدورات والملتقيات اختلفت الآراء ما بين رافض لها باعتبار أنها كمن ينفخ في الرماد، وأنها لن تعدو عن كونها نشاطًا وينتهي مفعوله بانتهائه، وأن ملكة الكتابة تولد بالفطرة مع الإنسان، وأن من لم يملك تلك الملكة وتقنياتها منذ صغره، فلا يضل ولا يشقى، وبين مقتنع بأن كل شيء يمكن اكتسابه بالتعليم والتدريب.
وجب التأكيد على أن الكتابة هي فعل إنساني بامتياز، فلم يحدث أن كائناً غير الإنسان كتب مقالاً أو روايةً أو قصة قصيرة، وأن الكتابة ليست حكراً على أحد، بل أنها مجال مفتوح للجميع، وأن من تتوفر فيه (الرغبة والمعرفة والقدرة) على أن يصير كاتبًا، سيصبح كذلك، فالكتابة ليست مهمة مستحيلة، بل هي قدرة الإنسان على تحويل ما بعقله من أفكار ورؤى، وما بقلبه من مشاعر وعواطف، لكلمات وفقرات مرتبة ترتيبًا جميلاً هادفاً، لتصل إلى القراء.
ولو تتبعنا قصص الكثير من الكتاب لوجدنا منهم بدؤوا الكتابة في مرحلة متقدمة من العمر بعدما خاضوا تجارب الحياة بحلوها ومرها وتوفرت لديهم مادة خصبة للكتابة عنها.
وخلال رحلتي في دورات كتابة المقالات والتي لم تنتهِ بعد، ولا أظنها تنتهي قريبًا، وجدت الكثير من الشباب والشابات لديهم مهارة الكتابة، لكنهم يفتقدون للبوصلة، فبعضهم أخبرني أنه يكتب من زمان، لكنه يخشى النشر، إما لأنه يخشى رد فعل الجمهور خاصة إنْ كان سلبيًّا، أو أنه يجهل تقنيات النشر.
ففي أول دورة نظمتها اكتشفت فتاة لديها مهارات جميلة في الكتابة، ومع الدعم والتشجيع وإبداء الملاحظات على كتاباتها، أبدعت أكثر وبدأت مقالاتها تأخذ طريقها في النشر سواء في صحيفة فلسطين الرائعة التي تستوعب الكتابات الجديدة القيمة، أو في منصات أخرى سواء ورقية أم إلكترونية، وهذا حدث مع الكثيرين في دورات لاحقة.
إزاء ما سبق، يمكن القول: إن الكتابة هي مهارة يمكن تنميتها من خلال توفر الرغبة والمعرفة والقدرة على القراءة الحقيقية الواعية والاستماع لنصائح الكتاب الكبار وقراءة تجاربهم الشخصية منذ بدؤوا الكتابة.