مشهد معقد تمر به الساحة الإسرائيلية السياسية، ما ينذر بفشلها أيضًا في ولادة حكومة قابلة للحياة في ظل تقارب عدد المقاعد بين كتلتي اليمين من جهة والوسط واليسار والعرب من جهة أخرى. هنا يبرز دور رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان في لعب دور بيضة "القبان" في ترجيح كفة جهة على حساب أخرى.
يرى محللون أن حزب ليبرمان كان وسيبقى صاحب الكلمة الأقوى في الانتخابات المقبلة وهو "بيضة القبان" فيها، وفي حال تحالف مع أي من التكتلات فسيتمكن من تشكيل حكومة واسعة نسبيًّا. لكن حدوث ذلك ليس بالسهل، فانضمامه للمعسكر اليميني بوجود نتنياهو صعب، للخلافات الحادة بين الرجلين، وكذلك انضمامه لليسار والوسط صعب أيضًا لوجود الأحزاب العربية فهو يرفضها وهي ترفضه كذلك، لذا ثمة سيناريوهات أخرى كذلك.
وتنطلق جولة الإعادة من انتخابات الكنيست اليوم وتتنافس فيها 31 قائمة انتخابية على 120 مقعدًا في الكنيست من بينها 9 قوائم تتنبأ لها استطلاعات الرأي اجتياز نسبة الحسم وهي 3.25%.
ووفقاً لنتائج غالبية استطلاعات الرأي الأخيرة فقد تتجه الانتخابات نحو تشكيل حكومة وحدة إسرائيلية تضم الليكود وأبيض –أزرق في ضوء فشل أي من الحزبين في تشكيل تكتل ينجح في نيل ثقة الكنيست، فحزب الليكود وأحزاب اليمين حصلت على 57 مقعدًا وينقصها 4 مقاعد لتتمكن من تشكيل حكومة ضيقة.
أما تحالف أبيض أزرق وأحزاب اليسار والوسط والأحزاب العربية فقد حصلت مجتمعة على 53 مقعدًا ما يعني فشلها هي الأخرى بتشكيل حكومة.
ولا يتوقع المختص في الشأن الإسرائيلي نهاد أبو غوش، حدوث أي مفاجآت دراماتيكية في الخارطة السياسية الإسرائيلية، فهي تبدو قابلة للتوقع بشكل كبير، مع هامش خطأ بسيط، مرجحا إعادة إنتاج الخارطة السياسية السابقة باستمرار أزمة تشكيل الحكومة، وأن يكون ليبرمان "بيضة القبان" مع تراجع بسيط وانخفاض في شعبية حزب "العمل"، وارتفاع طفيف في شعبية "ليبرمان"، وتعزيز قوة الجناح اليميني.
ويقول أبو غوش لصحيفة "فلسطين": "إن التنافس القائم يحدث بين اليمين واليمين المتطرف، فلن يكون التنافس بين الأحزاب على أساس البرامج، فكلهم يسيرون بنفس القاعدة التي تنطلق من قانون القومية العنصرية".
سيناريو نتنياهو الوحيد
هل يتمكن نتنياهو من العودة للحكم؟ هذا السؤال الذي يراه أبو غوش الأبرز، مستدركًا: "هذا صعب؛ فمن دون ليبرمان لن يتمكن من الحصول على 61 مقعدا، إلا في حالة نجاح حزب (قوة اليهودية) الديني، فهذا الحزب إذا اجتاز نسبة الحسم وبنفس الوقت يفشل حزب العمل، فيمكن أن نكون أمام كتلة من اليمين واليمين الديني في الحكومة القادمة".
وأضاف أنه "من دون ذلك ومع نجاح العمل، من الصعب على نتنياهو الحصول على أغلبية".
ثمة سيناريو آخر، بحسب أبو غوش، يتمثل في تشكيل حكومة وحدة إسرائيلية علمانية بمشاركة الليكود، وأزرق أبيض، وإسرائيل بيتنا، لافتًا في الوقت ذاته إلى أن العرب ورغم توقع حصولهم على 11 مقعدا، إلا أنهم لن يكونوا جزءًا من اللعبة السياسية لتشكيل الحكومة القادمة، ليس لأنهم يرفضون ذلك، بل لأن الأحزاب الإسرائيلية ترفض الأمر، فالعرب يخوضون معركتين: الأولى تثبيت شرعية الحقوق، والثانية دورهم في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
ويرى أبو غوش أن ليبرمان سيكون اليوم "بيضة القبان" لأنه أتقن لعبة تمثيل العلمانيين الرافضين للإكراه الديني، ورفض القيود التي تفرضها الأحزاب الدينية على الحياة السياسية، ورفضه للإعفاءات والميزانيات التي تمنح للمتدينين دون مقابل، فبرز كشخص يدافع عن العلمانيين ورفض المشاركة بالحكومة السابقة.
وحول تأثير خصومة "ليبرمان –نتنياهو" على أجواء الانتخابات، لفت إلى أن الخلافات بينهما كبيرة، لكن هناك ما ينتظره ليبرمان بأن يحدث تقدم بشأن تحقيقات الفساد مع نتنياهو وتلتف حبال الإدانة عليه ويظهر من بين الليكود من يستطيع أن يتحالف مع ليبرمان، فهو يريد التحالف مع الليكود لكن دون نتنياهو.
في جانب آخر، من الصعب، وفقا لأبو غوش، أن ينضم ليبرمان لمعسكر أزرق أبيض بوجود العرب وتشكيل حكومة، لأن ليبرمان وغانتس يرفضون الاعتماد في الوصول للحكم على العرب، لأن ذلك يضعهم أمام مشكلة استراتيجية كبيرة.
مشهد معقد
المختص في الشأن الإسرائيلي عماد أبو عواد يقول بدوره: "إن المشهد الإسرائيلي غاية في التعقيد، وأن هناك العديد من الإرهاصات، فحجم التجاذبات كبير ربما يؤدي إلى نوع من الصدام الحقيقي والشجار بين أنصار الأحزاب الإسرائيلية".
وأضاف أبو عواد لصحيفة "فلسطين": "أن السيناريوهات ليست مستبعدة الحدوث بأن يستطيع نتنياهو تشكيل حكومة دون ليبرمان، أو الذهاب لحكومة وحدة إسرائيلية بين الليكود وأزرق أبيض"، متوقعًا أن يعود اليمين لحكم دولة الاحتلال خلال هذه الانتخابات.
ويعتقد أن ليبرمان أيضًا أمام تحدٍّ صعب إما سيجد نفسه "بيضة قبان" أو خارج اللعبة، فهو يراهن على عدم حصول اليمين على 61 مقعدًا من دونه، وبذلك يكون هو "البيضة"، أما إذا شكل اليمين حكومة من دونه فيكون ليبرمان قد خسر الخسارة الكبرى وسيبدأ في عملية استجداء نتنياهو ومحاولة تخفيف حدة التوتر مع اليمين.