الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لم يشهد منذ وعد بلفور وحتى اليوم، تحشيدا امريكيا معاديا للشعب الفلسطيني ومساندا للمحتل الصهيوني مثلما هو في عهد إدارة ترامب الحالية، ولعل أخطر ما يواجه القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، السياسة الاستيطانية والنشاط الاستيطاني المكثف جدا الذي يجتاح الاراضي الفلسطينية طولا وعرضا، ويأتي على الارض وما فوقها وما تحتها اي ما في باطنها وخاصة المياه الجوفية ،وفي كل عملية استيلاء صهيوني على الارض الفلسطينية لبناء مستوطنات عليها، تقوم الادارة الامريكية بتوفير الحماية السياسية والقانونية للمحتلين الصهاينة، اي ان استراتيجية ابتلاع الاراضي الفلسطينية المحتلة لصالح المستوطنات والمستوطنين، تقوم على ركنين اساسيين، الاول يتكفل به الاحتلال يتمثل باغتصاب الارض والبناء الاستيطاني عليها ،والثاني تتكفل به الادارة الامريكية ويتمثل بتوفير الحماية السياسية والقانونية للجرائم الاحتلالية ،والتصدي لأي تحرك فلسطيني عربي سياسيا وقانونيا ودبلوماسيا وحقوقيا، في المحافل الدولية وعلى جميع الصعد والمستويات وحتى في المحاكم الدولية.
لم يعد خافيا على العالم ولا مخجلا بالنسبة للإدارة الامريكية نفسها ،سلوكها العدواني الاستقوائي على الشعب الفلسطيني وحقوقه وقضيته، وحتى يضمن ترامب اخلاص مستشاريه وموظفيه في البيت الابيض للكيان الصهيوني المحتل الغاصب لفلسطين، اختارهم ليكونوا من بين المستوطنين الاكثر تطرفا والاشدّ عداوة ومعارضة للوجود الفلسطيني في الوطن الفلسطيني المحتل، وكلفهم بمهمة اراحة الكيان المحتل من التهديد الفلسطيني المستمر منذ اكثر من مئة عام ،من خلال فرض تسوية تصفوية تآمرية على القضية الفلسطينية اسموها صفقة القرن لا تخدم الا العدو الاسرائيلي المحتل ولا تحقق الا احلامه ومشاريعه التوسعية في فلسطين التاريخية.
تسابق الادارة الامريكية الزمن منذ وصل ترامب الى البيت الابيض، وهي تدفع بحكومة اليمين الصهيونية وتشجعها وتوفر لها كل ما تحتاج، من اجل بناء المزيد من المستوطنات في القدس والضفة الغربية على حد سواء ،وحشر اصحاب الارض الفلسطينيين الشرعيين، في معازل صغيرة ضيقة المساحة، والعمل على فرض القوانين والسيادة الاسرائيلية على تلك المستوطنات، ما يعني ضمها من الناحية العملية للكيان المحتل، ومنع اقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، لعدم امكانية التواصل الجغرافي والسكاني لتلك الدولة ،بعد ان مزقها وجزّئها الاستيطان المكثف، كما يخططون هم ويتوهمون بامكانية وحتمية تطبيقه.
وتظهر الاحصائيات خلال الاعوام الثلاثة الماضية وهي مرحلة ترامب في الادارة الامريكية التي تستمر عاما رابعا، انها الفترة التي لم يشهد النشاط الاستيطاني مثيلا لها في الاراضي الفلسطينية المحتلة، منذ ان قامت ما تسمى بالدولة العبرية قبل اكثر من سبعين عاما، ويرى الفلسطينيون قيادة وشعبا، ان الادارة الامريكية الحالية تشكل خطرا على القضية الفلسطينية، يفوق بدرجات الخطر الذي يشكله الكيان الصهيوني نفسه، الذي يستند في كل ممارساته وسياساته وتصرفاته الى الدعم والاسناد والتأييد الامريكي المطلق.
تفوقت إدارة ترامب كثيرا على الكيان المحتل، في قمع الحقوق الفلسطينية والبطش بالقضية الفلسطينية، ان مدرسة ترامب خطيرة جدا، وتكمن خطورتها العميقة في تمكّنها من تخريج اجيالا يشبهون كوشنير وغرينبلات وفريدمان.