بعد انتصاف ليل الخميس 29 أغسطس/ آب الماضي، اقتحمت قوة عسكرية مكوّنة من 15 شخصًا، منزل منسق الحراك العمالي في جنوب الضفة الغربية المحتلة الناشط صهيب زاهدة بمدينة الخليل، عرّفوا أنفسهم أنهم يتبعون لجهاز "الأمن الوقائي".
قوة "الوقائي" فتشت أركان البيت كافة وصادرت أغراض زاهدة الشخصية (الحاسوب، والهاتف المحمول، وبعض الأوراق) دون إظهار إذن تفتيش، ثم اعتقلوه، حسبما أفاد شعيب زاهدة، موضحًا أن ناشطًا في الدفاع عن حقوق العمال ومعتقل منذ سبعة أيام على التوالي.
ويقول شعيب في حديث لصحيفة "فلسطين": "كانت الدنيا نص ليل وما في حدا نتواصل معه، ثم في الصباح أجرينا اتصالاتنا لنفهم القضية، لكن وقائي الخليل كان يماطل في القضية، لفترة بعد الظهر، لنكتشف تحويل أخي للمحكمة مباشرة، إلا أن قاضي محكمة صلح الخليل رفض القضية وأمر بإخلاء سبيله بكفالة".
ويضيف: "تحدثنا مرة أخرى مع الوقائي، فصاروا يتلكؤوا في الكلام، وطلبوا كفالة من المحكمة، جئنا بالكفالة المطلوبة، وقالوا "ساعتين وبيكون عندكم".
مضى وقت طويل على وعد الوقائي ولم يخرج زاهدة، وفي المساء تواصلت العائلة مع وقائي الخليل، فكان الرد: "صهيب مطلوب لجهاز الوقائي برام الله وهو موجود هناك".
وتواصلت العائلة مع وقائي رام الله وأخذوا وعدًا منهم بالإفراج عنه صباح الأحد إلا أنها تفاجأت أن الوقائي حوّله مرة أخرى لمحكمة صلح رام الله، فاضطرت لتوكيل محامي دفاع من أجل الإفراج عنه.
يكمل شعيب: "وكلنا المحامي مهند كراجة، وانتظرنا في المحكمة 4 ساعات، لنتفاجأ أن المحكمة حاكمته على ذات القضية التي حوكم عليها بمحكمة الخليل وقضت بالإفراج عنه، أي أنهم حاكموه مرتين لنفس القضية، عدا عن محاكمته خارج محافظته".
وعدّت العائلة اعتقال السلطة نجلها "سياسيا كيديا"، فضلًا عن أنها تريد وقف نشاطه وإلجامه عن مطالباته الحقوقية الخاصة بالعمال.
ويتابع شعيب: "القضية الأخرى التي حوكم عليها شقيقي هي حيازة سلاح، حيث يمتلك قاعة ألعاب (بينتبول) -وهي حقل رماية باستخدام الألوان-، مرخصة من الداخلية ووزارة الاقتصاد، وأبرزنا ذلك في المحكمة، إلا أن الوقائي حاول أن يوهم القضاء بأن صهيب يجوز أسلحة نارية".
توجهت العائلة لمؤسسات حقوق الإنسان، وتطالب الجهات المسؤولة بالإفراج الفوري عنه، وضرورة التزام المؤسسات الأمنية وخصوصًا الأمن الوقائي بقرارات القضاء الفلسطيني، لا الالتفاف عليها وتحديها، وفق قوله.
ومن الجدير ذكره، أن صهيب كان له دور كبير في لجنة مكافحة الفساد وإسقاط قانون الضمان الاجتماعي.
انتهاك قانوني
وفي السياق، يوضح المحامي مهند كراجة أنه تم تمديد توقيف صهيب على قضية بتهمة حيازة سلاح لمدة 4 أيام، وتمديد توقيفه على قضية إثارة النعرات الطائفية لمدة 15 يومًا، مع العلم أنه تم الافراج عنه بكفالة عدلية من محكمة الخليل على هذه القضايا.
ويؤكد كراجة لصحيفة "فلسطين" أن ذلك يخالف وينتهك صراحة القانون الأساسي الفلسطيني، الذي ينص: أنه "لا يجوز محاكمة الشخص على ذات التهمة مرتين"، لافتًا أنه تقدم لمحكمة رام الله طلبات إخلاء سبيل، لكن حتى الآن لا توجد ردود.
تخبط قضائي
المدافع عن حقوق الانسان في الخليل عيسى عمرو قال: "إن محاكمة صهيب على نفس التهمة في محكمتين مختلفتين وتناقض قراراتهما، حيث الإفراج بكفالة في الخليل، وتمديد الاعتقال في محكمة رام الله دليل على تخبط القضاء وتداخل الصلاحيات".
وأكد عمرو في حديثه لـ "فلسطين" أن ذلك دليل على أن إصلاح القضاء أولوية وطنية.
وأضاف: "يعد اعتقاله تعسفيًا وانتهاكًا واضحًا لحرية الرأي والتعبير، حيث لم يتم نشر خبر اعتقاله منذ يوم الخميس الماضي بسبب كذب بعض المقربين من العائلة ومحاولتهم إعطاء الأمن وقت إضافي للاستفراد به وحجزه لأكبر فترة ممكنة للانتقام منه".
وأكمل "الأجهزة الأمنية أرسلت رسائل للعائلة أن السكوت أفضل من أجل إعطائهم المجال للإفراج عنه".
وتابع: "هذا درس لكل الأهالي بعدم السكوت وعدم الثقة بأي شخص يدعي أنه محسوب على جهاز أمنى، والتوجه فورًا وإخبار المؤسسات الحقوقية والاعلام لمتابعة أي حالة اعتقال أو انتهاك للأجهزة الأمنية وهذا يعتبر قانونيا حسب القانون الفلسطيني".
ودعا عمرو عائلات مدينة الخليل للاجتماع الموسع من أجل بحث الخطوات الاحتجاجية على اعتقال صهيب.