لم يرُق للاحتلال الإسرائيلي مشهد انتظام طلبة مدرسة "التحدي 10" التي تقع في خربة "اخزيق" شمال شرقي محافظة طوباس في منطقة الأغوار، فبعد مضي أسبوع على بدء العام الدراسي الجديد, سلمت ما تسمى بـ"الإدارة المدنية الإسرائيلية وسلطة حماية الآثار" إدارة المدرسة الإنذار الخامس.
ويقضي الإنذار بإزالة السياج الموضوع في محيط المدرسة بدلًا من الجدار الذي هدمته قوات الاحتلال في وقت سابق، وذلك بذريعة وجود المدرسة في منطقة أثرية .
وفكك جيش الاحتلال قبل نحو عام "كرافانات" تعليمية تتبع مدرسة "التحدي 10" الأساسية المختلطة والتي أنشئت على نفقة أبناء المرحوم مروان مجلي، إذ تدعي سلطات الاحتلال بأن المدرسة تقع في منطقة عسكرية مغلقة، وتسلمت إدارتها بموجب ذلك أربعة إنذارات لوقف البناء وإزالة ما تم تشييده.
ويوضح مسؤول ملف الاستيطان في محافظة طوباس والأغوار معتز بشارات، أن المدرسة أنشئت في سبيل التخفيف عن الطلبة عناء السفر إلى مدارس بعيدة، خصوصًا في ظل إغلاق الاحتلال للخربة مرات كثيرة لأغراض إجراء مناورات عسكرية في المنطقة.
وتعد مدرسة ابزيق الأساسية المختلطة أو "التحدي 10" كما أطلقت عليها وزارة التربية والتعليم، وفق "بشارات" واحدة من مدارس التحدي، وجرى افتتاحها العام الدراسي الماضي، وينتظم فيها (22) طالبًا من الصف الأول ولغاية السادس الأساسي، وتضم ثلاث غرف صفية، وأضيف لها "كرفانان" جرى تفكيكهما والاستيلاء عليهما من قبل جيش الاحتلال.
ويضيف بشارات أن قوات الاحتلال اقتحمت الخربة وفككت الكرفانات التعليمية التي تستخدمها العائلات البدوية في تلك المنطقة المهددة بالإزالة عن وجه الأرض، على شكل غرف تدريسية لأبنائهم الطلبة، بذريعة أن تلك المنطقة عسكرية مغلقة".
وتعيش في خربة "ابزيق"، نحو 38 عائلة (140 مواطنًا فلسطينيًّا) أكثر من نصفها من البدو الرحل الباحثين عن المراعي والماء، والنصف الآخر عائلات تقيم في المنطقة بشكل دائم.
وبحسب بشارات "فإن خربة "ابزيق" كغيرها من التجمعات البدوية في مناطق الأغوار، تعيش فيها العائلات البدوية حياة بسيطة للغاية، ويشكل الخيش والصفيح مصدرين أساسيين لبناء مساكنها، وتعد تربية المواشي والزراعة مصدرًا لغذائها ودخلها.
وأكد بشارات أن القاطنين في هذه الخربة يعيشون في ظل ظروف تفتقر للحد الأدنى من مقومات الحياة الآدمية، حيث لا توجد خدمات كهرباء ومياه، فيضطرون إلى نقل المياه بالصهاريج عبر جرارات زراعية من مدينة طوباس التي تبعد عنها قرابة ثمانية كيلومترات من الجهة الشمالية الشرقية.
ووفقًا لمركز أبحاث الأراضي في القدس المحتلة، فقد أنشئت المدرسة صيف عام 2017، وتتكون من أربعة صفوف قديمة بنيت من الطين بمساحة 20 مترًا مربعًا للصف الواحد.
ويضم كل صف مرحلتين أي الأول والثاني في صف، والثالث والرابع في آخر، والخامس والسادس في صف، والسابع والثامن في آخر، في حين يتجاوز مجموع الطلبة فيها (20) طالبًا وطالبة وهو عدد مرشح للزيادة خلال فصلي الشتاء والربيع بسبب هجرة البدو المستمرة من وإلى خربة ابزيق.
ويبين بشارات أن مساحة خربة "ابزيق" تبلغ حسب معطيات مجلس مشاريع التجمع 8 آلاف دونم، يصنف الاحتلال 5 آلاف دونم منها كأراضٍ مغلقة لأسباب عسكرية ومناطق تدريب لجيش الاحتلال، في حين عزل جدار الفصل العنصري ما يقارب من ألف دونم، ويتعرض ما تبقى من الأرض لإجراءات توسعة مستوطنة "جلبوع".
ويؤكد بشارات لصحيفة "فلسطين" أن أهالي خربة "ابزيق" توجهوا عدة مرات بطلب عاجل لدى "المحكمة الإسرائيلية العليا" من أجل منع قوات الاحتلال من تنفيذ إنذارات هدم المدرسة وهو طلب لا تزال المحكمة تنظر فيهبل وتحاول تعطيله بكل السبل .
حجج واهية
بدورها أكدت وزارة التربية والتعليم في رام الله أن انتهاكات الاحتلال المتواصلة بحق المؤسسات التربوية لن تكسر إرادة التعليم المقاوم تحت حجج عسكرية واهية.
وأشارت إلى أن استهداف المدرسة بالتزامن مع بداية العام الدراسي يكشف عن نوايا الاحتلال ومخططاته الرامية إلى محاربة التعليم، وعرقلة وصول الأطفال والطلبة إلى مدارسهم، وحرمانهم من تلقي تعليمهم في ظل بيئة تعليمية آمنة ومستقرة.
وطالبت الوزارة جميع المؤسسات الدولية الحقوقية والإعلامية والناشطة في مجال الطفولة التدخل بشكل عاجل، لوضع حدٍّ لهذه الانتهاكات، وفضحها عبر القنوات السياسية والدبلوماسية والإعلامية.
ويشار إلى أن التعليم وثقت في تقرير انتهاكات الاحتلال بحق التعليم العام المنصرم (20) إخطار هدم ومصادرة ووقف أعمال بناء مدارس منها، ثلاثة بالهدم الكلي، و(12) بوقف الإنشاء، وخمس مصادرة معدات بناء.