بعد تفكير استغرق ساعات، توصل الأسيران المحرران علي المغربي ومنصور ريان إلى مبادرة خيرية ترمي إلى التخفيف عن أهالي قطاع غزة والتقليل من معاناتهم، وحجم المأساة والدمار الذي سببه عدوان الاحتلال المستمر، ولا سيما خلال 2014.
واتفق الصديقان على مساعدة بعض الأسر الفقيرة وإعادة بناء وترميم منازلهم، وصولًا إلى إنشاء جمعية خيرية أهلية غير ربحية، تعمل في قطاع غزة، لتكون عونًا للأسر الفقيرة والمحتاجة التي أرهق كاهلها من الفقر الناجم عن الحصار المتواصل منذ 13 سنة.
وانطلقت البذرة الأولى في مسيرة الجمعية الخيرية في يناير/ كانون الثاني 2015، تحت اسم فريق "رُبى الخير"، وفق مديرها المغربي، الذي أكد أن جمعيته نجحت منذ انطلاقتها في تنفيذ العديد من المشاريع الخيرية التي أسهمت في نثر السعادة وإنهاء معاناة الكثير من الأسر.
ويقول المغربي الذي تحرر عام 2011 ضمن صفقة تبادل الأسرى "وفاء الأحرار"، بعد قضائه 10 سنوات في سجون الاحتلال: "إنه بعد النجاحات التي حققتها الجمعية في بدايتها الأولى، باتت جمعية رسمية مسجلة قانونيًّا حملت اسم قوافل الخير ورفعت شعار: حيث للصدقة قيمة؛ لتستمر مسيرة الخير والعطاء".
ويبين المحرر المبعد إلى غزة، أن جمعيته نجحت في بناء وترميم نحو 325 منزلًا، وحفر 25 بئرًا للمياه، وبناء وترميم عدة مساجد، إلى جانب مشاريع الكفالات النقدية، والدخل الكريم، والكسوة العائلية، ومشروع الأضاحي، والسلة الغذائية، والحقائب المدرسية وإعانة المرضى.
ويشير المغربي، الذي كان الاحتلال قد حكم عليه الاحتلال بالسجن مدة 32 عامًا، إلى أن جمعيته نجحت عند انطلاقتها في بناء بيت بمخيم البريج وسط القطاع، مضيفًا: "كان للبسمة التي رسمناها على وجه هذه الأسرة دافع لنا لإكمال طريقنا في إسعاد الأسر الفقيرة".
ويوضح أن "قوافل الخير" استطاعت السير في طريقها رغم عدم وجود توأمة أو تعاون مشترك بينها وبين أي مؤسسات خارجَ القطاع، قائلًا في الوقت نفسه: "نحفر بالصخر من أجل جلب التمويل الخارجي لإعالة ومساعدة الأسر الفقيرة".
ويتابع المغربي أن أي تبرعات تصل لجمعيته من الخارج تكون بشكل فردي وغير منظم.
ويلفت إلى أن الجمعية نجحت في بناء جسور الثقة والمحبة مع المتبرعين، وتحقق ذلك من خلال النزاهة والسرعة في تنفيذ المشاريع الخيرية، مضيفًا: "إن عملنا غير مرتبط بوقت محدد، فهو تأدية للواجب تجاه شعبنا الذي ضحى وقدم وصبر".
ويؤكد المغربي، المنحدر من مدينة بيت لحم جنوب الضفة الغربية المحتلة، أن الإعلام يشكل عصب عمل جمعيته ويهدف من خلاله لإيصال معاناة الغزيين عالميًا وإبقاء القضية الفلسطينية حاضرة لدى العالم ولاطلاع المتبرعين على عمل جمعيته.
معايير العمل
بدوره يقول ريان، مدير دائرة البرامج في الجمعية، إنه يتم اختيار أسماء العائلات المستفيدة، وفق معايير عادلة اعتمدتها وزارة الأشغال العامة والإسكان منها أن تكون العائلة فقيرة ومكونة من خمسة أفراد أو أكثر، وألا يكون المشروع مقامًا على أرض متعدى عليها، وألا يكون أحد أفراد العائلة موظفًا أو يتلقى راتبًا من أي جهة.
ويضيف ريان، الذي تحرر أيضًا بموجب "وفاء الأحرار" بعد أن أمضى 18 عامًا في سجون الاحتلال: "إنه بعد الاطلاع على بيانات الأسر ومطابقتها لمعايير الجمعية يتم الشروع في مساعدة الأسرة بشكل فوري وعاجل".
وبفخر يضيف ريان المبعد إلى غزة، أن جمعيته تعمل "في مختلف محافظات القطاع ولا تميز في تعاملها بين أحد من أبناء شعبنا، فالكل عندنا سواسية"، مشيرًا إلى أن جمعيته تتكون من 11 عضو مجلس إدارة يحملون شهادات جامعية، إلى جانب جمعية عمومية مكونة من 40 عضوًا موزعين على مختلف المحافظات، و9 موظفين يعملون بشكل دائم بمقر الجمعية.
وعن جلب التبرعات الخارجية إلى القطاع، يؤكد ريان، وهو من قرية قراوه بني حسان، قضاء سلفيت، وجود صعوبات في جلب التبرعات إلى القطاع بسبب الحصار المشدد.
ويدعو ريان، "أهل الخير" في الدول العربية والإسلامية لمزيد من الدعم والمساندة لأبناء الشعب الفلسطيني، لتقوية عوامل الثوابت والصمود على أرضهم، مضيفًا أن الدعم المالي يشكل رافدًا أساسيًا لاستمرار الحياة ودوران عجلة الاقتصاد بغزة.