فلسطين أون لاين

​السيكوباتية بين العلل النفسية والدناءة الأخلاقية

...
صورة تعبيرية
بقلم / زهير ملاخة

كثير من الأحداث المؤرقة للمجتمع وللإنسان تحدث من تصرفات الأفراد الذين يتجاوزون فيها فطرتهم وأخلاقهم وعاداتهم وثقافتهم وتقاليدهم ويكونون في قمة الأنانية في تفكيرهم وتصرفاتهم ويكونون في قمة الشعور بالنشوة والنصر والسعادة، فيسمحون لأنفسهم بممارسة الخديعة والمكر والنفاق والكذب وإظهار عكس ما يبطن والحاق الأذى بالآخرين بصور متعددة أو ممارسة العدائية متعددة الأوجه ليشبع رغبته ويحقق مصلحته دون مراعاة لضمير أو أخلاق.

تلك الشخصيات التي تحمل صفات وسمات تكون بمثابة علل نفسية وعقلية في التفكير ينتج عنها انحراف تفكيري يؤثر في شكل سلوكهم، والتي قد يخفيها صاحبها بصورةٍ جميلة فيكون شيطانا بصور متعددة.

وتعرف تلك الشخصيات السيكوباتية بأنها شخصياتٌ مضطربة بشكلٍ مرضٍ تتسم بسمات شخصية شاذة ومظاهر اجتماعية مضطربة.

هذا التكوين الشخصي الشاذ المؤذي للغير يؤرق المجتمع ويفقده حسه الجمالي المتمثل بحسن الصحبة والمعاملة والتكافل وأنين الجسد الواحد وتمني الخير ورسم الابتسامة والايثار والتعاطف وكل المعاملات الطيبة الجميلة ليحل محلها الخوف والترقب والترصد والأسلوب العدائي الرخيص بكل أنواعها بالإضافة الى النفاق وكل ذلك بتعمد وتخطيط مسبق من تلك الشخصية والتي لا تجد نفسها إلا بذلك الدور وتلك الشخصية الدنيئة وذلك من أشكال الجنوح والشذوذ الإنساني.

ولعل أبرز ما يميز تلك الشخصيات والتي نلاحظها في المجتمع سواء بمؤسساته او افراده هي الأنانية المطلقة وغياب حسن نسج العلاقات الاجتماعية والإثارة الانفعالية رغم محاولات البعض التحكم والسيطرة كما يتميز البعض منهم بذكاء عالٍ يجعله أكثر قدرة على التفكير والإبداع والتلون لتحقيق الإيذاء للغير بشكلٍ يشعره بذاته.

وللأسف غياب الضمير والاستشعار بالذنب واللوم مغيب خاصة أن أذاه وشره وسوء فعله وما يُبطِن من شرٍ للآخر مُوَّجه لدوائر اجتماعية حميمة كالأسرة وبيئة عمل وأصدقاء وجيران وعلاقات خاصة وهذا يجعله في صورة منفرة أكثر.

ولعل أبرز تلك الآثار المترتبة لتلك الشخصيات النفور وعدم التقبل المجتمعي والشعور بالترقب والحذر الشديد من معاملاته وعدم الرغبة بنسج علاقات معه واتصافه الدائم من الآخرين بصفات سيئة بالإضافة إلى دوره في التأثير على مفهوم الأمان في الاوساط التي يلعب فيها أدوارا مهنية أو أسرية أو مجتمعية فيكون سبباً في الخوف والقلق ونشر الضغينة .

ولذلك لا بد من ادراك وفهم عقلية تلك الشخصيات ودوافعها والظروف التي اثرت واوجدت ذلك الشكل وغرست تلك الصفات في هذا النوع من الشخصيات ولعل سوء معاملة الوالدين والتفرقة أو غياب أحد الوالدين أو القسوة والتدليل الزائد أو سوء تربية الوالدين وغياب النموذج الحسن أو الحرمان وصحبة السوء أو التأثر بمواقف فيها معاني الغدر أو الخيانة أو الظلم واضحة وتؤثر سلباً على صاحبها.

كل تلك الأسباب وغيرها قد تكون صاحبت دورا في تلك الشخصيات وتبدأ الشخصية بالتطور السلبي مع تلك الصفات.

ولذلك لا بد من استشعار خطر انتشار تلك الشخصيات بصفاتها وأدوارها وطريقة تفكيرها على ذاتها أولاً وأسرها ومجتمعها ككل؛ ووقوف كل منا كـــ ولي أمر ومربٍّ وأرباب عمل ومؤسسات مجتمعية؛ وكدولة نحو الوعي والفهم وتوجيه الاهتمام النفسي والتربوي والسلوكي لتشكيل السواء العقلي والنفسي لدى الأجيال والأفراد؛ واستشعار الأمانة والمسئولية في ذلك؛ "فكلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته".