فلسطين أون لاين

من المقرر هدم 40 مسكناً فيه اليوم

"الخان الأحمر" الفلسطيني في مواجهة الاستيطان الإسرائيلي

...
جانب من الخان الأحمر (الأناضول)
القدس المحتلة - الأناضول

بالقرب من مبنى قديم، شُيّد في زمن الدولة العثمانية، لتستريح فيه القوافل المسافرة بين مدينتي عمّان والقدس المحتلة ، يُقال له الخان الأحمر، تقع مضارب قبيلة "عرب الجهالين" الفلسطينية.

وبين بيوت من الصفيح، يلهو أطفال دون سن الخامسة من عمرهم، في التجمّع البدوي، الواقع في بادية مدينة القدس، على بعد عشرات الأمتار، من نقاط عسكرية إسرائيلية ترقبهم، وتستعد لتنفيذ قرار بهدم مساكنهم بزعم البناء بدون ترخيص.

وكانت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، قد أمرت السكان في الثاني عشر من شباط/ فبراير الجاري، بإخلاء 40 مسكناً ومسجداً ومدرسة، حتى تاريخ الخميس 23-2-2017 ، تمهيداً لهدمها.

وبين المنازل المهددة بالهدم، منزل عيد الجهالين، الناطق باسم التجمع، الذي قال :" يبدو أن الأمر جد خطير، القرار من وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، هكذا أُبلغت".

وبينما يتواصل هاتفياً مع محامين، للترافع أمام المحاكم الإسرائيلية ضد القرار، أضاف:" (إسرائيل) ماضية في تهجير السكان بضوء أخضر من الإدارة الأمريكية الجديدة، ولتوسيع المستوطنات".

ويشير "الجهالين" إلى بؤر استيطانية (مستوطنات صغيرة)، أقيمت على التلال القريبة من مساكنهم، ويقول:" نحن قبل هذه البؤر، وحتى أننا هنا قبل بناء مستوطنة "معاليه أدوميم"، (من أكبر مستوطنات الضفة)، يريدون ضم الأراضي للمستوطنات".

وتنحدر جذور "عرب الجهالين"، إلى صحراء النقب جنوبي فلسطين المحتلة عام 48م ، وهجّروا منها في العام 1953م، بعد رفضهم الخدمة في جيش الاحتلال الإسرائيلي، بحسب الجهالين.

ويقول كبير الجهالين، الذي يكنّى بـ"أبي خميس":" لن نرحل من هنا، ولن نعيش هجرة جديدة، هُجّرنا من أرضنا في العام 1953 ولن تتكرر الهجرة، سنبقى تحت الشمس، سنعيد البناء من جديد".

ويعيش في التجمع نحو 200 فلسطيني، يعتمدون في معيشتهم على تربية المواشي (الأغنام).

وكان السكان يملكون نحو 1600 رأس ماعز، ونحو 60 ناقة في السبعينات من القرن الماضي، لكنهم لا يملكون اليوم سوى 240 رأس ماعز.

وأرجع "الجهالين" ذلك، إلى منعهم من الرعي في بادية القدس المحتلة.

وأضاف:" هناك مستوطنة، وفي الجانب الآخر معسكر لجيش الاحتلال الإسرائيلي، وباقي الأراضي منطقة عسكرية مغلقة، نمنع من رعي المواشي فيها".

وتعرضت المساكن في التجمع إلى عمليات هدم أكثر من مرة، بحسب "الجهالين".

وكان أصحاب المواشي يسوّقون منتجاتها في أسواق مدينة القدس، قبل بناء جدار الفصل، الذي بدأت دولة الاحتلال الإسرائيلي بتشييده على أراضي الضفة الغربية عام 2002.

وحول تسمية المنطقة باسم "الخان الأحمر"، قال إن السبب يرجع إلى مبنى الخان القديم، المجاور، والذي بُني في زمن الدولة العثمانية، لتستريح فيه القوافل المسافرة بين عمان والقدس، ونقطة للجيش العثماني، بالإضافة إلى "التربة" الحمراء للمنطقة.

ويفتقر التجمع للخدمات الأساسية، كالكهرباء والماء وشبكات الاتصال والطرقات.

ويستخدم السكان الطاقة الشمسية للحصول على الإنارة ليلاً.

ويؤدي الأهالي صلاتهم في مسجد مشيّد من الصفيح، مهدد بالهدم كذلك، ويتخوفون من هدم المدرسة الوحيدة التي شيّدت بدعم أوروبي.

وتضم المدرسة، 170 طالب وطالبة، وسُميّت بمدرسة "الإطارات"، كونها شيدت باستخدام إطارات المركبات، إضافة إلى "الطين".

وكانت سلطات الاحتلال الإسرائيلي قد أخطرت المدرسة بالهدم منذ تأسيسها عام 2009، بحجة البناء في منطقة مصنفة "ج" الخاضعة لسيطرة الاحتلال ، حسب اتفاق أوسلو الموقع بين منظمة التحرير الفلسطينية ودولة الاحتلال الإسرائيلي عام 1993.

بدورها أبدت الطالبة نسرين الجهالين، إحدى طالبات المدرسة، خشيتها من عملية هدم التجمع والمدرسة.

وقالت :" إذا هدموا المدرسة فلا يوجد بديل، لكن سنظل نتعلم ولو بخيمة".

وأضافت:" نحن لا نملك شيئاً، بيوتنا من الزينكو (الصفيح)، ولم نؤذ أحداً، لكنهم كل فترة يأتون ليهدموا بيوتنا".

ويقول السكان إنهم يقيمون على أراضٍ تتبع بلدة عناتا إلى الشرق من القدس المحتلة، فيما تتذرع سلطات الاحتلال الإسرائيلي بأنهم ينشئون مساكناً دون الحصول على ترخيص، في مناطق مصنفة "ج" حسب اتفاق أوسلو، الموقع بين منظمة التحرير الفلسطينية ودولة الاحتلال الإسرائيلي عام 1993.

والمنطقة "ج"، بحسب الاتفاق، تشمل المناطق التي تقع تحت السيطرة الكاملة لحكومة الاحتلال الإسرائيلي، وتشكل 61% من المساحة الكلية للضفة الغربية.

ويقع "تجمع عرب الجهالين" إلى الشرق من مستوطنة "معاليه أدوميم" شرق القدس المحتلة، إحدى أكبر مستوطنات الضفة الغربية، وعلى أراضي المشروع الاستيطاني الكبير البالغة مساحته 12 كيلومتر مربع، والمعروف باسم "E1"، والذي يهدف إلى ربط المستوطنة بغرب القدس المحتلة.

وبحسب الفلسطينيين، يهدف المشروع إلى الاستيلاء على 12 ألف دونم (الدونم يعادل ألف متر مربع)، تمتد من أراضي شرق القدس المحتلة حتى البحر الميت، بهدف تفريغ المنطقة من أي تواجد فلسطيني، كجزء من مشروع لفصل جنوب الضفة عن وسطها.