شكراً قطر، جملة لا تفي الأشقاء في قطر حقهم، ولا ترد الجميل لدولة تحرص على تقديم العلاج لجرح غزة النازف، والذي تحز فيه سكاكين العصاة الظالمين.
شكراً قطر، لا لأنكم عبدتم شارع صلاح الدين الواصل بين شمال قطاع غزة وجنوبه على أحدث طراز، وشكراً قطر، لا لأنكم أقمتم مدينة الشيخ حمد لإسكان آلاف الأسر المحتاجة، وإنما شكراً قطر هذه المرة لحديث السفير العمادي، الذي أكد استعداد قطر للمساهمة بشكل كامل في حل مشكلة الكهرباء في غزة، وأضاف العمادي شارحاً الأسباب، فقال: عطفاً من قطر على غزة وأهلها الذين يعانون الأمرين جراء الحصار، وعدم اكتراث السلطة الوطنية بهم.
هذا كلام لا يغضب إلا السفهاء من الشعب الفلسطيني، والراغبين بجني ثمار حصار غزة فوضى وانفلاتا أمنيا، فراحوا يعيبون على لقاء السفير العمادي مع قيادات فصائل فلسطينية في فندق "موفمبيك" على بحر غزة قبل أيام، وينقلون عنه أنه قال: إن دولة قطر أنفقت ما يقارب المائة مليون دولار على مشاريع في غزة بشكل مباشر، وليس عبر السلطة، لأن الأخيرة تنهب المساعدات القطرية، وأن قطر قد أنجزت خلال أربع سنوات مشاريع أكثر مما قامت به سلطة رام الله.
حديث العمادي هذا فيه من الصراحة والجرأة وتحميل المسئولية ما يفرض على حركة حماس أن تتحرك في هذا الاتجاه، وتسعى إلى التخلص من المسئولين عن حصار غزة، وهذا هو العمادي، الرجل المحايد الراغب في مساعدة أهل غزة يقول لكم: السلطة الفلسطينية هي التي تحاصر غزة، والسلطة لا تريد مساعدة سكان غزة، والسلطة هي سبب معاناتكم، ففتشوا يا حركة حماس عن حل لسكان غزة بعيداً عن السلطة!
لقد أكد السفير العمادي أن دولة قطر دفعت تسعين مليون دولار فقط لحل مشكلة الكهرباء، ولكنها ذهبت هباء منثوراً، لأن هناك مَن لا يريد الخير لغزة، وخاصة السلطة في رام الله، وتحديداً الرئيس محمود عباس، وأن من واجب الفصائل الفلسطينية أن تبحث عن طرق للضغط على محمود عباس ومن معه، بما في ذلك تحريك الشارع الفلسطيني، هذا الكلام الموزون ليس جديداً على الشعب الفلسطيني، الذي يعرف تمام المعرفة دور السلطة في الحصار، ويعرف أسباب صمت بعض الفصائل على ممارسات السلطة في هذا الإطار.
لقد حدد السفير القطري أسباب مشكلة الكهرباء في غزة، ووضع الحل الوحيد والعاجل، حين أعلن عن استعداد قطر لتقديم الضمانات المالية لإسرائيل لتشغيل الخط 161، على أن تقوم رام الله بالإعفاء الضريبي الكامل للوقود، وقال السفير إنه سيجتمع مع رئيس الوزراء رامي الحمد الله، كي يؤكد له أن قطر ستقوم بحل مشكلة كهرباء غزة، وستتصرف وحدها إذا بقيت السلطة وعباس عقبة أمام الحل.
شكراً قطر على هذا الاهتمام، شكراً قطر على تحمل المسئولية الأخلاقية والدينية، شكراً قطر على هذا الجهد الذي يفرض على السفير العمادي أن يتواصل مع الإسرائيليين، وأن يلتقي بكل المسئولين لتنسيق خطوات حل مشكلة كهرباء غزة، لأن المسئولين الفلسطينيين المكلفين بهذا العمل يعزفون عنه، ويرفضون تقديم أي مساعدة لإضاءة بيوت أهل غزة المحاصرة بفعل فاعل فلسطيني، يصر على أن يقبض ثمن حصاره لسكان غزة سياسياً ومادياً.