بقرار من وزارة التنمية الاجتماعية في رام الله
من شملهم قرار خفض مخصصات "الشؤون الاجتماعية" .. النسبة مختلفة والصدمة واحدة!
غزة/ يحيى اليعقوبي:
"ليش خصموا علينا!؟".. مش عارف كيف بدنا ندبر حالنا".. كلمات قهر ممزوجة بالوجع والحسرة لم يجد عيسى عباس (58 عاماً) سواها، ليصف ما حل به بعدما قامت وزارة التنمية والشؤون الاجتماعية برام الله بخصم 379 شيكلا من دفعة المخصصات المالية التي تصرفها له كل ثلاثة أشهر التي تبلغ قيمتها 1800 شيكل.
على عتبات باب بيته كان أبناء عباس بالمرحلة الإعدادية ينتظرونه على أحر من الجمر بعدما وعدهم بشراء القرطاسية وحقائبهم المدرسية من ما يتبقى من مخصصات الشؤون بعد سداد إيجار البيت، لكنه لم يملك سوى مواجهتهم بالحقيقة: "المخصصات انخصمت"، كلمات كانت كفيلة بقلب المشهد داخل البيت وكسر خاطر أبنائه.
حيرة وحسرة
بعد أن دفع ما تبقى له من إجمالي المخصصات المصروفة له البالغة نحو 1400 شيكل لسداد إيجار شقته لثلاثة أشهر مضت، بات عباس خالي الوفاض لا يستطيع إعالة أسرته ولو ليوم واحد.
بحسرة على واقع الحال يقول لصحيفة "فلسطين" بعد أن التقط أنفاسه ولا زال مصدوما بالقرار: "لا أصدق ما حدث؛ كان القرار مفاجئا لنا، سألت البنك وراجعت الشؤون ولم يفدني أي منهم بأسباب الخصم".
لا زال يعبر عن تفاجئه: "بهذا المبلغ المخصوم سببوا لي أزمة. الوضع مأساوي".
ولا غرابة بأن يفاجئ الإجراء الذي قامت به الوزارة هذا المواطن الذي يعيش في بيت للإيجار منذ 35 عاما، وهو يعتمد على مخصصات الشؤون الاجتماعية، فبعد أن يسدد إيجار شقته، يقوم بالمبلغ المتبقي (الذي خصمته الوزارة) بشراء وتلبية متطلبات عائلته فلديه ستة من الأبناء يعيشون معه".
وما زاد "الطين بلة" كما يقول عباس أن توقيت الخصم تزامن مع قدوم ابنه للعيش معه في الشقة محملاً بخمسة أطفال، بعدما تعرض لإصابة عمل ويحتاج لعملية جراحية لمعالجة غضروف بالعمود الفقري، مضيفا: "لقد زادت الأعباء علي الآن فابني وأطفاله مسؤولون مني إلى أن يتم علاجه".
"هل كان المبلغ يكفي أصلاً؟".. سؤال يطرحه عباس ويجيب عنه بنفسه: "بالكاد كان يلبي احتياجاتنا من ديون ولقمة عيش لأسبوعين".
عباس واحد من بين 9 آلاف شخص شملهم قرار خفض قيمة المخصصات المالية بنسب مختلفة، اختلفت نسبة الخصم بينهم لكن كانت الصدمة واحدة بإجراء مفاجئ ولا يعرفون ماذا تخبئ لهم في جعبتها الدفعة القادمة إن كان بإرجاع ما خصمته أم بزيادة الخصومات.
"شو بدي أحكي اللي صار والله حرام".. قالها سامي العرقان (57 عاما) وهو مريض كلى لصحيفة "فلسطين"، محاولا الهرب من تفكيره وسجلات الديون المتراكمة عليه.
وأوضح أن وزارة التنمية الاجتماعية خصمت من مخصصاته 770 شيكلاً من ما مجموعه 1800 شيكلاً تصرف مرة كل ثلاثة أشهر.
ويشعر العرقان بحيرة كبيرة حول كيفية توزيع الدفعة المالية التي صرفت له على متطلبات أسرته ليصاب بصدمة سببها عدم وجود حل لهذه المعضلة المفاجئة.
وتابع: "تفاجأت بالمبلغ، فذهبت لأستفسر من إدارة البنك فعلمت أن الوزارة هي من قامت بخصمه (..) هذا الإجراء فاجأني لأنني أنتظره بفارغ الصبر فأبنائي تسعة ومعظمهم متعطلون عن العمل وابنتي بالثانوية العامة وكانت تنتظرني لشراء ملابس ومتطلبات دراسية، ولا أعرف كيف سأقوم بتلبيتها".
حالات محجوبة
وكانت وزارة التنمية الاجتماعية في غزة قالت أمس، إنها استقبلت عشرات الحالات التي تم حجبها من مخصصات البرنامج الوطني من قبل رام الله.
وذكرت الوزارة في بيان تلقته صحيفة "فلسطين" أن هذه الحالات تم حجبها من قبل الوزارة برام الله مباشرة، وحالات أخرى تم تخفيض مبالغها المالية.
وبيّنت أن الكشوفات التي تشتمل على أسماء المنتفعين لم ترسل إلى مديريات التنمية الاجتماعية بغزة، وحولت إلى البنوك مباشرة والتي أرسلت من جانبها الرسائل للمنتفعين لاستلام مخصصاتهم المالية.
وأكدت الوزارة في غزة أنه لا دخل لها في عملية الحجب التي تمت ولا يتوفر لديها أي معلومة بالتغيرات التي تمت على الأسماء، بسبب عدم توفر كشوفات للمستفيدين من البرنامج في هذه الدفعة، وإغلاق البرنامج الوطني على غزة منذ ما يقارب 3 أشهر من قبل الحكومة في رام الله.