يتعلّق في رقبة وزارة التنمية الاجتماعية مصير عشرات آلاف الأسر الفقيرة في غزة والضفة الغربية، لذلك يجب أن يتولى مسؤولية هذه الوزارة شخصية وطنية، لا تنتمي لحزب، ولا تتحزب لفكرة معاقبة أهالي قطاع غزة، وهذه الأوصاف لا تنطبق على أحمد مجدلاني، صهر السيد محمود عباس، والذي يمثل تنظيم النضال الشعبي، ولهذا تم اختياره وزيراً للتنمية الاجتماعية، بهدف تطبيق سياسة رام الله القائمة على معاقبة أهالي قطاع غزة وتجويعهم.
صار أحمد مجدلاني وزيراً للتنمية الاجتماعية في غفلة من الوحدة الوطنية، وراح يطوق بأصابعه المطاطية رقبة الرزق، فكانت أولى قرارته تقليص عدد الأسر التي تتلقى المساعدات، وتخفيض قيمة المساعدات التي تتلقاها بعض الأسر، والغريب أن هذه القرار يجيء متزامناً مع قرار منسق الحكومة الإسرائيلية الجنرال كميل أبو ركن بتخفيض كمية الوقود المسموح بدخولها إلى محطة توليد الكهرباء في قطاع غزة، وكأن تنسيق العقوبات على قطاع غزة يتكامل مع التنسيق الأمني، ويتكامل مع التنسيق السياسي الهادف إلى تذويب أرض الضفة الغربية تحت أقدام المستوطنين.
74 ألف أسرة من قطاع غزة تتلقى المساعدات من وزارة التنمية الاجتماعية، وعدد 41 ألف أسرة من الضفة الغربية، وهذه الأرقام تشير إلى أن الفقر والحاجة في غزة هي أضعافها في الضفة الغربية، فكيف نكون وطناً واحداً، وأرضاً واحدة، ومصيراً واحدًا، في الوقت الذي يكون فيه عدد فقراء غزة ضعف عدد فقراء الضفة الغربية؟ هذه الأرقام تفضح السياسة الفلسطينية القائمة على فصل غزة عن الضفة، وتجاهل حقوق غزة ومصيرها حتى في المناصب الوزارية، حيث كان من الأولى والأجدر أن يكون وزير التنمية الاجتماعية من غزة، فلا يحق لعضو اللجنة التنفيذية أحمد مجدلاني أن يكون وزيراً في حكومة السلطة التي تشرف عليها اللجنة التنفيذية.
لقد أعلن أحمد مجدلاني الحرب على غزة قبل ثلاثة أشهر، حين أصدر أوامره بإغلاق شاشات البرنامج الوطني عن غزة دون سابق إنذار، فصار وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية في غزة لا يعرف من عمل الوزارة شيئاً، وصار المدراء العامون في غزة خارج التغطية، وصارت الوزارة تدار من الضفة الغربية عن طريق الريموت كنترول، وتم تجاهل كل المعلومات والبيانات والقرارات التي يشرف عليها موظفو غزة، وهذه خطوة تعكس النية المبيّتة للتلاعب بأموال الفقراء، وصرف الأموال وفق الأهواء، ووفق الولاء، ووفق التقارير الكيدية، فإذا بشعبنا الصبور مرة ثانية أمام عقوبات من نوع جديد، وأمام شكل جديد من الواسطة، ومن الرشوة التنظيمية، ومن التلاعب بأسماء الفقراء وفق الأهواء وبلا شفافية كما جاء في معظم التقارير التي أعدتها المنظمات الإنسانية المعنية بالرقابة.
بقي أن نشير إلى حقيقة يتجاهلها البعض، وهو يردّد: على حركة حماس أن تدفع للناس طالما ظلت تسيطر على الوضع، وهذه لغة الفساد السياسي التي تتجاهل حقيقة مصدر الأموال التي تقدَّم للأسر الفقيرة في غزة والضفة الغربية، وهي أموال يقدمها الاتحاد الأوروبي، ودول أخرى مانحة، بمعنى آخر، لا فضل للمجدلاني، ولا غير المجدلاني في جمع هذه الأموال، إنها أموال مخصصة للفقراء، وما وزارة أحمد مجدلاني إلا الحنفية التي تفتح وتغلق متحكمة بآلية التوزيع، وهذا التحكم غير النزيه يدعو إلى الاعتصام أمام مقر الاتحاد الأوروبي، وأمام مقر الأمم المتحدة، والأونروا، بهدف إيصال رسالة الشعب المقهور، الذي يطالب بالعدالة والشفافية في توزيع الأموال على الفقراء بعيداً عن الحزبية والفئوية.