بداية الذي دفع المعتقل الإداري أحمد غنام للإضراب هذه المرة هو ما تعرض له من اعتداء صارخ ومحاولة لتمرير قهر بكل الوان الحقد القاتمة ، إذ بعد اطلاق سراحه من حبسة اعتقال اداري دامت السنة والنصف وبعد أن اعلن القضاة العسكريون في محاكمهم التي مر بها افلاس ملفّه من اي تهمة وجهت اليه ، وبالفعل اطلقوا سراحه قليلا لبضعة أيام ثم ما لبثوا ان اعادوه للاعتقال, وليبدأ المسلسل من جديد : حكم اداري ثم محكمةتثبيت ثم محكمة استئناف ثم تجديد وهكذا دواليك ، واصبحت كلمة محكمة مرادفة تماما لمهزلة ولتدخل كأداة مع بقية أدوات الحرب النفسية على المعتقل وأهله والمجتمع الفلسطيني كله ، إذ يبقى الاعتقال الاداري سيفا مسلطا على رقاب الفلسطينيين أجمعين .
بالفعل الاعتقال الاداري كما بات معروفا فزاعة لارهاب كل من تسوّل له نفسه الاقتراب من العمل الوطني أو المساهمة في حمل الهمّ العام الذي بات يثقل الكاهل الفلسطيني وفي ظل ظروف بات فيها التوغل الاسرائيلي ضخما في الحياة الفلسطينية ، اليوم يعمل الاعداء بما يسمى "الادارة المدنية" على دفع الناس لاصدار الممغنط والتصاريح ودفع الفلسطينيين الى اثبات حسن سلوكهم مع الاحتلال وحشر القضية الفلسطينية في زاوية تحسين الظروف المعيشية ، وفي نفس الوقت انزال اشد العقوبات وعلى راسها الاعتقال الاداري لكل من يعمل بالاتجاه المعاكس لتوجهات الاحتلال هذه تسوّل له نفسه أن يقف في الميدان الوطني المخالف للاهداف والرغبات الصهيونية في حياتنا .
المعتقلون الاداريون المضربون عن الطعام اليوم يفتحون معركة بطريقة مختلفة ، يحركون ساكنا ويلقون حجرا كبيرا في بحيرة طال سباتها وينشرون قضيتهم على الملأ ، المعتقلون : أحمد غنام مضرب منذ 37 يوماً، وسُلطان خلوف مضرب منذ 33 يوماً، و إسماعيل علي منذ 27 يوماً،وجدي العواودة منذ 22 يوماً، وطارق قعدان منذ 20 يوماً، وناصر الجدع منذ (13) يوماً، وثائر حمدان منذ ثمانية أيام.
أحمد غنام باضرابه المفتوح يفتح قضية كبيرة تطال الكل الفلسطيني وتعلن الاعتداء على حقوق الانسان قاطبة ، من عمق جرحه النازف ومن ثنايا انفاسه المتقطعة وجسده المنهك وأمعائه التي تصرخ في أعماقه ألما وقهرا يواجه سجانا لا يعرف الا لغة المواجهة والربح والخسارة ، غنام يخسر من جسمه وروحه أرطالا والاحتلال يخسر ويتآكل من صورته المزيفة ودعايته المضللة ، غنام يحشر الاحتلال في الزاوية ويكشف صورته الحقيقية .
غنام والمضربون وفكرة الاضراب المفتوح عن الطعام لا بد وأن تبقى مستمرة ومفتوحة لانها الصورة الحقيقية للاحتلال ، انها صورة الظلم بكل أبعاده عندما تزج انسانا في السجن بتهمة سرية كمحاكم التفتيش في زمن غابر ، عندما توظف قضاءك ومحاكمك لتنفيذ رغباتك السادية ، عندما تفتح حربا غير متكافئة فقط لارهاب الشعب الفلسطيني من خلال من تعتقلهم اداريا ، انت بذلك فقط مجرد مجرم معتد أثيم خارج عن كل الاعراف الدولية وحقوق الانسان العالمية .
ليس فقط احمد غنام والمضربون معه في خطر بل نحن جميعا في خطر ، فالكل الوطني معرض لهذا الاعتقال ، والكل يقف وجها لوجه أمام هذه الفزاعة وكثير من الناس يحسبون حسابها فيتراجع أمام السياسة الاسرائيلية القائمة على سياسة العصا والجزرة، فالاضراب هذا ناقوس خطر في مواجهة السياسة الصهيونية بشكل عام سواء كانت عصا أم جزرة ، الاضراب يكشف عورة العصا وفي ذات الوقت تظهر الجزرة عارية مكشوفة ومفضوحة ، بان هدفها واضح ولا تقل خطورة عن تلك العصا المشرعة على رؤوس أسرانا .
والعصا هذه تارة من خلال الزج بالمعتقل وممارسة سادية الاعتقال الاداري واعتقال الاطفال والنساء وكل أشكال الاعتقال وتارة تضرب الرؤوس وتفتح فيها الاخاديد كما جرى في قمع قسم 3 في النقب قبل عدة شهور .
الخطر واضح جدا ويكشفه المضربون بصورة جلية ، والمطلوب معروف في الحذر والمواجهة الشاملةلكل سياسات الاحتلال والوقفة الصادقة مع قضايانا خاصة مسرانا وأسرانا . هي معركة مفتوحة ومكشوفة, وهذا الاضراب زيت يزيدها اشتعالا واقترابا من المعادلة بوضعها الطبيعي الصحيح : احتلال بغيض وشعب يريد التحرر من ربقة هذا الاحتلال .