على أبواب التصويت المرتقب في الجمعية العامة للأمم المتحدة لتجديد تفويض وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، في سبتمبر/أيلول المقبل، أوقفت كل من هولندا وسويسرا تمويلهما للوكالة، لتحذوا بذلك حذو الولايات المتحدة الأمريكية، التي يقول مراقبون: إنها تبذل محاولات مستميتة لإنهاء وجود أونروا.
وجاء القرار الهولندي والسويسري بحق أونروا في إثر تسريب تقرير للأمم المتحدة بـ"تورط" مسؤولين كبار فيما أسماها "انتهاكات أخلاقية يندرج فيها سلوك جنسي غير لائق ومحاباة وتمييز وغيرها من ممارسات استغلال السلطة".
وتقدر مساهمة هولندا وسويسرا في ميزانية وكالة الغوث السنوية بنحو 36 مليون دولار.
وفي 31 أغسطس/ آب الماضي أوقفت واشنطن التمويل الذي كانت تقدمه لأونروا، بعد أن كانت تعد أكبر ممول للوكالة الأممية، حيث قدمت لها أكثر من 350 مليون دولار أمريكي في 2017، وسط مطالبات إسرائيلية علنية بإنهاء وجود الوكالة.
وكان بيببر كرينبول، المفوض العام لأونروا قال خلال مؤتمر صحفي عقده في مايو/أيار الماضي في غزة، إن قيمة العجز المالي آنذاك في ميزانية الوكالة بلغ نحو 200 مليون دولار.
وتشير سجلات أونروا إلى أن عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لديها في عام 2017 نحو 5.9 ملايين لاجئ، وهذه الأرقام تمثل الحد الأدنى لعدد اللاجئين الفلسطينيين، وقد شكل اللاجئون الفلسطينيون المقيمون في الضفة الغربية والمسجلون لدى وكالة الغوث في عام 2017م ما نسبته 17.0% من إجمالي اللاجئين المسجلين لدى وكالة الغوث مقابل 24.4% في قطاع غزة.
أما على مستوى الدول العربية -بحسب سجلات أونروا أيضًا- فقد بلغت نسبة اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى وكالة الغوث في الأردن 39.0% من إجمالي اللاجئين الفلسطينيين في حين بلغت النسبة في لبنان 9.1% وفي سوريا 10.5%.
في غضون ذلك، قال المستشار الإعلامي للأونروا في غزة عدنان أبو حسنة: إن هناك تحقيقًا يجري من مكتب الخدمات التابع للأمم المتحدة يتصل بأونروا، وهناك ادعاءات في تقرير ورد لدى المكتب وهو يقوم بعملية تحقيق.
وأضاف أبو حسنة لصحيفة "فلسطين": لا نستطيع أن نعلق رغم أن مفوض أونروا قال: إن الوكالة تتعاون تمامًا مع لجنة التحقيق، لكن في الوقت نفسه، تقول أونروا: إن هذه كلها ادعاءات حتى الآن ولا توجد أي حقائق حتى اللحظة، والتحقيق لم ينتهِ ولم تعلن نتائجه.
وأكد أبو حسنة أن هناك من يتمنى ألا يرى أونروا موجودة –دون أن يسمي أي جهة- لكنه شدد على أن وكالة الغوث ستواصل تقديم خدماتها.
وتابع: "رأينا الكثير من الضغوط على أونروا خلال الأسابيع الماضية"، معربا عن أسفه لقرار هولندا وسويسرا تعليق تبرعاتها لأونروا.
وحذر من أن القرار المذكور يؤثر "بالتأكيد" على خدمات أونروا، لكنه جدد التأكيد على استمرار هذه الخدمات.
وقال أبو حسنة: نحن متفائلون بأنه سيتم تجديد التفويض لأونروا في سبتمبر القادم من الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وتأسست "أونروا" بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة، عام 1949، لتقديم المساعدة والحماية للاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمس، وهي: الأردن، وسوريا، ولبنان، والضفة الغربية وقطاع غزة.
تحرك عربي وإسلامي
من جهته، أكد مدير المكتب التنفيذي للاجئين في الضفة الغربية طه البس، أن القرار الهولندي السويسري يندرج تحت الضغوطات التي تمارسها الولايات المتحدة قبل التصويت على القرار المتعلق بتجديد تفويض أونروا.
وقال البس لصحيفة "فلسطين": إن واشنطن تحاول منذ أكثر من عام الضغط والتأثير على الدول الأوروبية التي أعلن جزء منها تمسكه بتقديم المساعدات لوكالة الغوث، بهدف تغيير مواقفها قبل الوصول لقرار الجمعية العامة المرتقب.
وتابع: هذا جزء من الضغوطات التي تمارس لإلغاء وشطب وكالة أونروا لما تمثله سياسيًّا للشعب الفلسطيني.
وربط البس نجاح أو فشل المساعي الأمريكية بمقدرة الدبلوماسية الفلسطينية على التحرك دوليًّا، والحصول على أغلبية مطلقة لتجديد تفويض أونروا.
ونبه إلى أن الولايات المتحدة و(إسرائيل) تعملان بشكل حثيث في هذا الخصوص، ويجب أن يوازي ذلك تحرك عربي وإسلامي في مقدمته الدبلوماسية الفلسطينية.
وأشار إلى أن جزءا ليس بسيطا من خدمات أونروا تأثر بوقف واشنطن مساهمتها المالية للوكالة.
وأوضح أنه بمجرد إيقاف الولايات المتحدة مساهمتها انعكس ذلك بشكل واضح على جزء كبير من الخدمات المرتبطة ببرنامج الطوارئ وخاصة فيما يتعلق بالبطاقة الغذائية والمالية وبرنامج فرص العمل.
ولفت إلى أن هناك تقليصا من جانب أونروا فيما يخص الميزانية الثابتة في التعليم والصحة والشؤون الاجتماعية، لأنها تمر بأزمة مالية قد لا تمكنها من البدء بالعام الدراسي الجديد، ومن ثم امتناع بعض الدول التي تساهم في الميزانية الثابتة لأونروا يهدد استمرار خدماتها.
ولحل هذه الأزمة المالية، أشار البس إلى دعوة سابقة لأن تكون ميزانية الوكالة جزءا من ميزانية الأمم المتحدة، مجددا التحذير من أن العجز المالي لأونروا وامتناع بعض الدول الأوروبية عن المساهمة المالية يعمق الأزمة ويهدد استمرارية الخدمات.