من داخل أروقة "عيادة سجن الرملة" تنبعث أنات الأسرى، وتُسمع أصوات السلاسل على الأسرّة التي قيدت أيادي الأسرى المرضى بل وأجسادهم، بإشراف إدارة سجون الاحتلال الإسرائيلية وتحت مراقبتها.
جدران متهالكة، ومتابعة طبية سيئة، وأرضية تنبعث منها "رائحة الموت" لتحوم قرب 15 أسيرًا صُنّفت أمراضهم بالخطيرة، ويمكثون دائما في عيادة السجن المذكور، وأخطرهم الأسير سامي أبو دياك.
وأبو دياك من بلدة سيلة الظهر في محافظة جنين شمال الضفة الغربية، ومحكوم بالسجن ثلاثة مؤبدات و30 عامًا، وهو إحدى الحالات المرضية الأكثر خطورة بعد تدهور حالته الصحية بعد إصابته بمرض السرطان.
إطلاق سراحه
وتتشوق آمنة أبو دياك والدة الأسير المريض لرؤية نجلها مع اقتراب موعد الزيارة، لكنها تصدم في كل مرة عند رؤية ابنها بتدهور حالته الصحية.
وتقول أبو دياك (53 عامًا) بحزن: "إن الموت بات قريبًا جدًا من ابني، فعندما يدق جرس الهاتف يتملكني الخوف خشية أن يبلغني متصل باستشهاد سامي".
وتشير أبو دياك، وهي أم لأربعة أبناء وبنتين، إلى أن إدارة السجون نقلت نجلها قبل خمسة أيام من "عيادة سجن الرملة" إلى مستشفى "أساف هروفيه" لتدهور حالته الصحية.
وتلفت بحزن إلى أن نجلها يصارع الموت في كل لحظة، مناشدة المؤسسات الدولية والطبية وكل المعنيين للتدخل للإفراج عنه، مضيفة: "أمنيتي أن يخرج ابني من السجن وهو يتنفس".
وتؤكد أن سامي (36 عامًا) اعتقل وعمره 17 عاما في 2002 في كمين عسكري قرب جنين، وقد كان في صحة جيدة جدًا ووزنه (95 كيلوجرامًا) والآن لا يتجاوز وزنه الـ (45 كيلوجرامًا)، ويعاني من مرض السرطان.
إهمال متعمد
وتكمل أبو دياك: "إن إدارة السجن أبلغت العائلة بعد سقوط سامي أرضا قبل أعوام أنه كان يعاني من ورم في الأمعاء، وتطلب ذلك إجراء عملية استئصال 80 سم منها"، مؤكدة أن ابنها تعرض لإهمال طبي وخطأ في التشخيص والعلاج أدى إلى تفاقم حالته إلى هذا الحد، وقد أجريت 6 عمليات جراحية له خلال الأعوام الأربعة الماضية.
"ومنذ ذلك الحين وحتى الآن وضع ابني الصحي من سيئ لأسوأ، وكأنه حلم، دخل في غيبوبة ثم أجريت له عملية، وعانى من أمراض متتالية دون أي تدخل طبي مناسب له"، وفق أبو دياك، التي ذكرت أن نجلها بحاجة إلى إجراء عملية جراحية عاجلة لوجود كتلة سرطانية في رأس المعدة، وأن الاحتلال يماطل في إجرائها، ويهمل علاجه بعد انتشار المرض في جميع أنحاء جسده.
ولإصابته بأمراض خطيرة، وعدم وجود مرافق له، طلب شقيق "سامر" الأكبر الأسير منذ عام 2005 والمحكوم بالسجن المؤبد، نقله إلى "سجن الرملة" حيث يحتجز شقيقه "سامي" الذي يحتاج إلى مساعدة، وعقب رفض إدارة السجون شرع بإضراب عن الطعام حتى تمكن قبل ثمانية أشهر من الانتقال إليه في السجن ذاته، وفق والدته، التي قالت: "إن وجود شقيقه الأكبر معه يطمئننا بعض الشيء، فهو يحتاج إلى أحد يرافقه باستمرار لخدمته".
وناشدت الوالدة أحرار وشرفاء العالم والمؤسسات الحقوقية والإنسانية والمعنيين بقضايا الأسرى للضغط على سلطات الاحتلال من أجل إطلاق سراح نجلها قبل أن يفارق الحياة.
والأسير سامي أبو دياك واحد من بين أكثر من (700) أسير يعانون أوضاعاً صحية صعبة، منهم ما يقارب (160) أسيرًا بحاجة إلى متابعة طبية حثيثة، وفق مؤسسات حقوقية فلسطينية.