شعار منظمة بيتار اليهودية يقول: للنهر ضفتان، هذه لنا، وأيضًا تلك، ومن المؤكد أن المقصود بالنهر هو نهر الأردن، أما الضفتان فهما الضفة الشرقية والضفة الغربية، وهذا الشعار يحاكي بعض أطماع اليهود في الأرض العربية، أطماع تتسع شرق النهر بمقدار التضييق على حياة الفلسطينيين غرب النهر، وما ممارسة الطقوس الدينية اليهودية إلا البداية، بداية يشترط فيها كتاب التناخ ارتداء الزي الديني اليهودي عند الصلاة، كما حدث في مدينة البتراء شرق الأردن قبل أيام، في المكان الذي يسمونه مقام النبي هارون.
مقام النبي هارون شرق النهر يذكر العرب بمقام النبي يوسف في نابلس غرب النهر، ومقام النبي إبراهيم في الخليل، ومقام النبي داوود في القدس، وعشرات المقامات والمقدسات اليهودية المخزنة في الجرة، التي كسرتها الخرافة عن أماكن دينية يهودية لها القداسة، ولليهود الحق في امتلاكها، ولا تجوز لهم صلاة بعيدًا عنها.
فمن أين حصل اليهود على الملابس الدينية التي مارسوا فيها طقوس عبادتهم المحنطة، رغم تفتيش حقائبهم على الجسر؟ سؤال يشير إلى الاختراق إما لشخصيات مسؤولة أو لمكاتب سياحية، وفرت لهم من الداخل ما عجزوا عن توفيره من الخارج، وهذا يذكرنا بالخرافة اليهودية عن رحاب الزانية، المرأة الكنعانية التي وفرت المأوى والحماية لليهود قبل آلاف السنين، ومكنتهم من اقتحام مدينة أريحا، وتحريمها، فخلدوها بقبر مقدس على طريق القدس أريحا.
أملاك اليهود التاريخية والدينية شرق النهر لا تقف عن حدود البتراء ومقام النبي هارون، فهم يدعون ملكية الباقورة والغمر، رغم استئجارها لعشرات السنين وفق اتفاقية وادي عربة، وهذه الملكية المزعومة جزء من مخطط عدم ترك الأرض العربية شرق النهر دون مسمار جحا!
من المؤكد أن الأطماع الإسرائيلية شرق نهر الأردن مؤجلة إلى حين، فما زالت معركة حسم الضفة الغربية للنهر لم تنتهِ بعد، ومعركة ضم أجزاء منها على أشدها، فمتى ينتهي منها الإسرائيليون، سيبدؤون معركة شرق النهر، وما يجري اليوم من طقوس يهودية وزراعة وشراء أرض وتملك عقارات إلا البدايات، وأول الرقص حجلان، ما لم يفِق الأردنيون العرب على حقيقة الأطماع اليهودية، ويبادروا، لا بتحريم الأرض العربية شرق النهر على اليهود، بل بنقل المعركة إلى غرب النهر، كخط دفاع أول عن شرق النهر، ودون ذلك فالزمن سريع، ولا يخدم الوجود العربي شرق النهر، كما غدر الزمن اليهودي المكثف بالأرض العربية غرب النهر.
قبل مئة عام، حين التقى المندوب السامي البريطاني اليهودي هربرت صمويل مع القبائل العربية شرق نهر الأردن، قال لهم: إن وعد بلفور لا ينطبق على شرق النهر، وعد بلفور خاص بأرض فلسطين، أما أنتم شرق النهر، فنحن جاهزون لتوفير المال والسلاح لكم، وسنأتي بالخبراء لتدريبكم على إقامة دولة لكم شرق النهر، في تلك الفترة كان حلم اليهود بعض وطن في فلسطين، ولكن في هذه الأيام، أيام التمكين فوق الأرض وتحت الأرض، فإن ورثة هربرت صمويل؛ ديفيد فريدمان، وجارود كوشير، وجيسي جرينبلات، هؤلاء لن يقولوا: وعد بلفور يخص أرض فلسطين غرب النهر، وإنما سيقولون لأي مسؤول أردني: صفقة القرن تقوم على شعار؛ للنهر ضفتان، هذه لنا، وأيضًا تلك!