فلسطين أون لاين

"الناجي الوحيد".. فيلم حقيقي شاهد على جرائم (إسرائيل)

...
نابلس-غزة/ خضر عبد العال:

"لا ترمموا بيت سعد دوابشة.. لا تطمسوا الجريمة.. حولوا البيت إلى مزار لكل فلسطيني ودبلوماسي وإنسان في هذا العالم اكتبوا عليه "هنا أحرق النازيون الجدد الطفل الرضيع علي وعائلته"، هذا منشور كتبته الصحفية الفلسطينية نائلة خليل من رام الله في ذكرى جريمة حرق عائلة دوابشة.

ووافق أمس 31 يوليو/ تموز، الذكرى السنوية الخامسة لحرق عصابات "تدفيع الثمن" التابعة للمستوطنين منزل عائلة دوابشة في قرية دوما جنوب مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية المحتلة، ما أدى لاستشهاد الأب سعد، والأم ريهام، والطفل الرضيع علي، وكان الناجي الوحيد من هذه الجريمة الطفل أحمد، بطل قصتنا هذه.

رجع أحمد الذي أطفأ شمعة عامه التاسع في 19 يوليو الماضي بذاكرته إلى يوم المحرقة، قائلًا: "ما أذكره جيدًا أني شاهدت أبي وأمي وأخي الطفل علي والمنزل يحترقون أمام عيني، اختبأت خلف أريكة، وصرت أصرخ أنقذونا".

ومع كثافة الدخان والنيران المشتعلة لم يشعر الطفل أحمد بأنه احترق كباقي عائلته، حتى فقد وعيه، وفي تلك الأثناء كانت محاولات إنقاذه أمرًا مستحيلًا، إلا أن رعاية الله تعالى وحكمته كانتا أسبق.

أنهى أحمد الصف الثالث الابتدائي بمعدل امتياز، فهو يحب الدراسة كثيرًا، وفي الإجازة الصيفية، يتدرب على رياضة ركوب الخيل والفروسية، والسباحة، عدا عن أنه مغرم ومولع بكرة القدم.

كما أنه حصل مؤخرًا على جائزة في مسابقة ركوب الخيل في مدينة نابلس.

"لا أقبل التعامل معي معاملة خاصة كوني احترقت ويظهر على جسدي بعض آثار الحريق، أنا إنسان لا يوجد لدي أي نقص، صحيح أني فقدت أذني اليمنى، إلا أني سأزرع مكانها بعد سن السادسة عشرة كما قال الأطباء" يضيف أحمد لـ "فلسطين".

وكان أحمد في بداية الحادثة يخجل من لبس "التيشيرت، والشورت" حتى لا تظهر آثار الحريق، إلا أنه اليوم بات مختلفًا تمامًا فلا خجل من إظهار تلك الآثار وكأنه يقول للعالم: "هذه آثار جريمة الاحتلال النازي الذي أحرق عائلتي".

نصر دوابشة عم الطفل أحمد يقول في حديثه لـ"فلسطين": "قضت حكمة الله بنجاة أحمد ليكون رجلا في جسد طفل، حيث يدرك تمامًا ما حدث لعائلته، كونه عاش المحرقة من الألف إلى الياء، ولا تفارق ذاكرته نهائيًا مشهد النيران في منزلهم، حتى يبقى شاهدًا على جرائم الاحتلال بحق عائلته خصوصًا والشعب الفلسطيني عمومًا".

أطول قضية في المحاكم الإسرائيلية

يضيف العم: "تمر علينا الذكرى الخامسة للمحرقة ونحن لا زلنا مستمرين في معركة ثبات ووجود مع هذا الاحتلال، وما زال شعبنا مستهدفا من اعتداءات المستوطنين المتواصلة".

كما لا تزال العائلة في مواجهة المحاكم الإسرائيلية، حيث يوجد لدى الاحتلال مخطط مدروس من أجل إطالة أمد المحاكمة لعدة أهداف، أبرزها منع العائلة من التوجه للقضاء الدولي، لأن الأخير لا يستقبل أي قضية مرفوعة في محكمة بلد ما، إلا بعدما تنتهي القضية من تلك المحكمة.

وأوضح أن الاحتلال يدرك أن العائلة لن تقبل بأي أحكام من القضاء الإسرائيلي، خصوصًا، أنه برأ 16 من المتهمين من أصل 17، وبقي شخص واحد، هو "عمران بن أرئيل" الذي مثل الجريمة واعترف، وعندما شاهد كيف تم تبرئة زملائه بات ينكر ويدعي أنه اعترف تحت التعذيب والضغط.

"4 سنوات مضت في المحاكم الإسرائيلية، وهي أطول محكمة في تاريخ القضاء الإسرائيلي وقد نستمر أكثر من ذلك، الأمر الذي يستنزف العائلة ماديًا وعاطفيًا، خصوصًا اننا نتعرض أمام المحكمة لمضايقات من المستوطنين، ويتم محاولة الاعتداء علينا ورفع شعارات التهجم على الفلسطينيين، ويتفاخرون أنهم قتلوا عائلة دوابشة أمام مبنى المحكمة المركزية بمدينة اللد المحتلة" يكمل العم.

وحول دور السلطة الفلسطينية في ملاحقة المجرمين، بيّن أن العائلة توجهت منذ البداية لوزارة الخارجية كونها تستطيع التواصل مع القضاء الدولي، إلا أن الرد كان يجب انتهاء القضية من محكمة الاحتلال من أجل تقديم شكوى في محكمة الجنائية الدولية.

وعلّق على ذلك بالقول: "نحن ننتظر انتهاء المحكمة، ولحظتها تكون السلطة أمام تحد حقيقي، فهل تستمر بملاحقة المجرمين وتقدم القضية للقضاء الدولي، أم أنها توقف الملاحقة؟".

متحف علي دوابشة

الصحفية خليل كتبت في منشورها أن السلطة التي وعدت بمتحف عن محرقة بيت دوابشة لم تفعل.. هل توقفت الاتفاقيات!" وتقصد الاتفاقيات مع الاحتلال الإسرائيلي التي أعلن رئيس السلطة عن وقفها مؤخرًا.

وفي ذلك، قال العم دوابشة، إن رئيس الحكومة رامي الحمد لله آنذاك، حضر للبيت في ثاني أيام الجريمة، وأعلن عن تمويل ترميم البيت، إلا أن رد العائلة "مشكورين، ولكننا لا نريد ترميم البيت، ونتبرع بالبيت وقطعة الأرض لصالح الشعب الفلسطيني من أجل إنشاء متحف الشهيد علي دوابشة".

ونفذت العائلة كل الإجراءات المطلوبة وقدمتها للحكومة، لكنها لم تحصل على تمويل من أجل ذلك، ثم نقلت الملف لمؤسسة "تيكا" التركية التي وعدت قبل نحو 7 أشهر، بإنشاء المتحف.

وزاد: "نحن في العائلة لم نيأس ولدينا أمل أنه سيكون في القريب متحف وسيبقى شاهدًا على جرائم الاحتلال بحق الطفل علي وعائلته، كما نستقبل الوفود الأجنبية وأي شخص يأتي لزيارة قرية دوما في المنزل".