يعاني الفلسطينيون والسوريون الذين اضطروا لمغادرة الأراضي السورية بسبب النزاع المسلح المستمر منذ سنوات، والانتقال إلى عدد من الدول، منها تركيـا التي عُدَّت ملجأً للهاربين من الموت، ولكن الإجراءات التي فرضتها إدارة مدينة إسطنبول التي تحد من حرية حركتهم شكلت لهم وجهاً جديداً للمعاناة.
وتقضي هذه الإجراءات بإرجاع اللاجئين إلى الولايات التي حصلوا فيها على بطاقة الحماية المؤقتة أو ما يعرف بــ"الكميلك"، أو إرجاعهم إلى سوريا.
الفلسطيني "عبد الرحمن علي" المقيم في إسطنبول قال لـ"فلسطين": "بعد فترة من استقرار اللاجئين الفلسطينيين والسوريين في تركيا الحاصلين على "الكميلك" انتقل عدد كبير منهم بل معظمهم للعيش والعمل في إسطنبول ذات الظروف المعيشية الأفضل، ما تسبب بتكدس في المدينة، وسط مطالبات تركية بإعادة تنظيم الأمر".
وقال علي إن المشكلة الحقيقية أن كثيرا من العائلات رسمت ملامح حياتها في مدينة إسطنبول، فاستقرت منذ سنين، واستأجرت المنازل وأثثتها، علاوة على أن أطفالهم تأقلموا مع مدارسهم، لذا فإن أي حركة ترحيل جديدة بحقهم ستتسبب بمعاناة جديدة.
وأضاف: "بعض الإجراءات تُنفَّذ تعسفيا من أفراط الشرطة، من خلال إلقاء القبض على اللاجئين دون إعطائهم أي مهلة لترتيب أمورهم، يصاحبه صمت رسمي ومؤسساتي كبير، ما تسبب باستياء لدى معظم الناس".
وبيّن علي أن القرارات جاءت بالتوافق بين الحكومة التركية وإدارة مدينة إسطنبول والأحزاب الوطنية والسياسية، منها العدالة والتنمية.
وأوضح علي أن اللاجئين الذين لم يحصلوا على (الكميلك) مهددون بالترحيل إلى سوريا من جديد.
وتمنع القرارات الحكومية حاملي (الكميلك) من الانتقال إلى ولاية غير الولاية الصادرة عنها، ويقدر عدد اللاجئين الفلسطينيين السوريين في تركيا عموماً قرابة 10 آلاف، موزعين على ولايات ومدن تركية عدة، وفي مدينة إسطنبول وضواحيها، ويتجاوز عددهم 500 عائلة.
من جانبه قال رئيس منبر الجمعيات السورية في تركيا د. مهدي داود، إن الإجراءات التي تفرضها إدارة إسطنبول بحق القادمين من سوريـا في أشد أوقاتها، رغم تلقيهم وعودات بعدم ترحيل أحد إلى سوريا، وأن حاملي بطاقة "الكميلك" لن يتم ترحيلهم خارج تركيا.
ونبه داود إلى أن الإجراءات المفاجئة والترحيل سيتسببان بتفكك أسري بين اللاجئين، لا سيما أن غالبيتهم متزوج ومستقر ويعمل في إسطنبول، وقضيتهم مسألة وقت فقط لترتيب أوضاعهم القانونية أو الانتقال بشكل سلس إلى الولايات المستخرجة لبطاقة الحماية المؤقتة.
وبيّن أن عددا من الفلسطينيين والسوريين طالبوا بمنحهم مدة 3 أشهر للانتقال من أنفسهم واستخراج الأوراق المطلوبة، وتوفير التكلفة المالية المترتبة على ذلك، خصوصًا أن الأمر يتعلق بترحيل عائلات كاملة.
وفي تصريح له لوكالة الأناضول التركية قال مستشار رئيس حزب "العدالة والتنمية" التركي ياسين أقطاي، إنه سيتم إجراء مشاورات مع القيادات السورية في مدينة إسطنبول، للبحث عن حل لأزمة اللاجئين، وذلك بالتزامن مع إطلاق السلطات التركية حملتها.
وتابع: "عدد اللاجئين السوريين زاد في إسطنبول كثيرا، وهم يمارسون أعمالهم عشوائيا، ويؤثرون على الأتراك، فارتفعت نسبة البطالة بينهم، ما دفعهم لتقديم شكاوى ومطالبات بترحيلهم".
وشدد أقطاي على ضرورة إيقاف الإجراءات التعسفية بحق اللاجئين السوريين، لإعادة النظر في الموضوع وحل المشاكل بطريقة موضوعية وواقعية، بما يتوافق مع مبادئ الدولة التركية.
ونبه أقطاي إلى أن الرئيس التركي أردوغان لن يتنازل عن حقوق اللاجئين السوريين وهو ما تنص عليه سياسته الأصلية في تركيا.
وتفيد إحصائية أصدرتها دائرة الهجرة التابعة لوزارة الداخلية التركية بأن عدد اللاجئين السوريين على الأراضي التركية يتجاوز ثلاثة ملايين و424 ألف لاجئ، يعيش غالبيتهم في مدينة إسطنبول ومدن أخرى.