فلسطين أون لاين

من يحاكم باراك؟

إعلان رئيس وزراء (إسرائيل) الأسبق إيهود باراك، تحمله المسؤولية عن استشهاد 13 فلسطينياً يقيمون في أراضي ال48، عام 2001 إبان الانتفاضة الثانية، ليس بريئاً البتة، والطريقة التي دفعته للاعتذار تكشف عن لعبة شارك فيها عضو كنيست عربي يدعى عيساوي فريج الذي ينتمي لحزب «ميرتس» اليساري، عندما كتب الأخير مقالاً طالب فيه باراك، الذي كان يرأس الحكومة وقت ارتكاب المجزرة، بالاعتذار من عائلات الشهداء الفلسطينيين الذين ارتقوا برصاص شرطة الاحتلال، وهو ما كان بالفعل، حيث خرج باراك للإعلام ليقول: «أنا أتحمل المسؤولية عما حصل خلال ولايتي كرئيس حكومة، وضمن ذلك أحداث 2001»، وزعم أنه «لا مكان لمتظاهرين يقتلون برصاص الشرطة التابعة لدولة (إسرائيل). أعبر عن الأسف والاعتذار أمام العائلات والجرحى وأمام المجتمع العربي».

واللعبة المفضوحة السيناريو والإخراج، كان هدفها إيجاد مخرج لباراك الذي تلطخت يداه بالدماء، وترميم صورته أمام الناخبين العرب، وتبييض صفحته، لتليين موقفهم منه، واقتناص أصواتهم لصالح التزاوج اليساري الذي تم مؤخراً بين حزبي «ميرتس» الذي يرأسه نيتسان هوروفيتش و«إسرائيل ديمقراطية» الذي يتزعمه باراك، في انتخابات «الكنيست» المقبلة. ولكن مكمن الخطر في المسرحية الهزلية التي تمت، هو مشاركة «نائب عربي» فيها، لإيجاد مبرر يسمح له بدعم هذا التحالف وتأييده، مستغلاً دماء الشهداء لتسويق حليفه الجديد باراك في الوسط الفلسطيني الذي ينتمي إليه.

ولكن محاولات تسخيف الوعي الجمعي لدى فلسطينيي الداخل، والتعامل معهم بسذاجة واستخفاف، سيسقط سقوطاً حراً، ولن يمر على شعب عايش مصائب الاحتلال ردحاً كبيراً من الزمن، فالمجتمع العربي قادر على قلب الطاولة على كل من يريد استغلاله، ومدرك تماماً أن دعم باراك أو أي حزب إسرائيلي لن يعيد حقوقاً فلسطينية أو يفك حصاراً أو يعيد أرضاً. ففي انتخابات «الكنيست» السابقة التي جرت في مارس الماضي، كان لشريحة كبيرة من الناخبين العرب موقف صلب حيث رفضت المشاركة فيها، لأنها بالحد الأدنى لا تحقق لهم فائدة مرجوة، ولعلمهم أنها تضفي شرعية على كيان احتلال، يستخدم الانتخابات لتسويق «ديمقراطية» زائفة أمام العالم، وذلك أثر في نتائج القائمتين العربيتين المشاركتين واللتين حصدتا 10 مقاعد فقط، في تراجع كبير وملحوظ. وهذه نتيجة حتمية عندما يعجز النواب العرب عن تلبية رغبات الوسط الذي خرجوا منه، أو تجاوز مصالحهم الذاتية لصالح قضيتهم الأم فلسطين.

وبالعودة إلى الاعتذار، فهو صادر عن قيادي صهيوني أوغل بالدماء وتسبب بمجازر قتلت مئات الفلسطينيين، ولا يمكن أخذه بجدية أو البناء عليه في حال تمكن من الفوز مجدداً برئاسة الوزراء- وهو مستبعد-، إذ إن سياسته لا تخرج عن السياق الذي تسير به (إسرائيل) اليوم، ولكن يمكن الدفع باعترافه إلى المحاكم لإدانته ومحاسبته على ما اقترف من جرائم، وهو ما طالب به أهالي الشهداء عندما قالوا له، إن اعتذارك غير مقبول ولا نريد سماع صوتك إلا في المحاكم وأنت تتجرع الألم الذي سقيته غيرك.

قادة الاحتلال يجاهرون بدمويتهم، فهل تتجرأ المنظمات الدولية على محاسبتهم وإنصاف ضحاياهم، أم أن دويلة الاحتلال ستبقى أبد الدهر فوق القانون؟


الخليج الإماراتية