فلسطين أون لاين

الأسير المقدسي وسيم الجلاد ومحظورات الاحتلال؟!

قائمة طويلة من المحظورات قدمها الاحتلال للأسير وسيم الجلاد فور تحرره بكفالة مالية عالية، بعد انتهاء فترة محكوميته البالغة خمس عشرة سنة تم حجزه يوما كاملا وحُظر عليه دخول القدس لشهر كامل وحُظر عليه أن يتجمع عنده ما يزيد عن خمسة عشر فردا، وأن يقيم احتفالا او يرفع راية وغير ذلك.. وسيم أفقدوه وسامة الإفراج وأعدموا على بوابة السجن لحظة الفرح التي ينتظرها منذ خمس عشرة سنة، دفعوا به في درب آلام جديدة، حاصروه ببنادقهم وألقوا عليه كل أحقادهم الدفينة، "أطلقنا سراحك ولكنا زدنا ثقل القيد على رقبتك، منعناك من أن تتنفس ولو نفس واحد من هواء القدس، حرمناك من سجدة في ساحة الاقصى لتكتمل مع سجدتك الاخيرة على بوابة الزنزانة، سنلاحقك وننقضّ عليك وقت ما نشاء وكيف ما نشاء"، وسيم تجثم صخرة الاحتلال على صدره وكأنه لم يغادر السجن.

وجدناه في ضاحية السلام، ضاحية على نقيض مسماها، حيث كل شيء فيها إلا السلام، الاكتظاظ والصخب وفوضى الشارع وفوضى الأنام، وجدناه مخطوفا من القدس وعيون قلبه ترنو هناك وهو هنا يحاول تفكيك رمز هذه الحياة العجيبة، فجأة وجد نفسه وقد ترك فورة السجن المكتظة بأقدام المعتقلين وانتقل إلى شارع عناتا شعفاظ المكتظ بعجلات مراكب حديدية لا ترحم، من الزنزانة المكتظة بالأبراش القاسية الى الشقة المعلقة فوق عمارة سكنية حيث الاكتظاظ الجدراني المتداخل باضطراب شديد، خرج وسيم من براثن ادارة سجن سادية تتفنن في دروب القمع والجريمة وتعذيب الانسان الى ادارة منطقة أرادوا لها أن تكون عشوائية فوضوية وبيئة غير صالحة للاستخدام البشري.

هذا الشهر الذي حرموه فيه من تكحيل عينيه بالاقصى وأن تعانق جبهته ترابه كان عليه أشد وقعا من خمس عشرة سنة في زنازينهم، حشروه في معادلة جدرانها أقسى من جدران زنازينهم، أنت ابن القدس ولدت وترعرت في أزقتها، جذورك ضاربة في أعماق أعماقها وفي نفس الوقت يريدون لك ان تنفصل عنها وأن تنزع روحك من روحها، أن تتخلى عن بهجة تصنعها بيديك وتحلق بها بسمائها الخالدة، ليس لك من القدس الا أن تشم رائحتها مسيرة شهر وهم يرتعون بها صباح مساء، عليك أن لا تدنّس هواءها لأنك فلسطيني من أبناء الشيطان بينما هو أبناء الله وأحباؤه هم وحدهم الذين تناسبهم القدس ووتتناسب معهم .

لا يجوز لك أن تلتقي بأكثر من خمسة عشر تماما على عدد سنين حبستك، يعني لو زادوا فردا او اكثر عليك بطردهم من بيتك والا وقعت في المحظور وطارت الكفالة وقد يعودون بك الى زنازينهم النتنة، كنت تعاني من الزيادة القهرية للعدد الذي يحشرونه معك في غرفة السجن متعددة الاستخدامات واليوم يريدون راحتك والتخفيف من عدد الذين يلتقون بك، هذا شرط قد أبدعته عقولهم وعملت له براعة اختراع، لم يسبقهم اليه أحد وكانوا به من الفالحين!

الاهم من كل اجراءاتهم ومن كل ما يحاولون به التجديف عكس تيار انهيار اسطورتهم هو أن وسيم في نظر شعبه البطل القادم من بطن الحوت، البطل الذي ثبت وصبر وصابر وبنى وأنجز وتحدى وأخيرا انتصر، بكل معنى الكلمة انتصر على سجانه الذي راح يتجرع الالم وراح يبتكر السهام الطائشة، انتصر وسيم داخل سجونهم حيث كان مولدا للثقافة والحركة وبناء الذات وتطويرها. وسيبقى منتصرا مرفوع الرأس خارج السجن، به ترتفع الهامات وبه تعلو الهمم وبه تهتدي الشعوب المستضعفة، تنشد حريتها وتثبت للعالمين بأحقيتها في فلسطين وقدسها.