لطالما اعتقدت أن مواقع الشبكات الاجتماعية نعمة كبيرة، لكن تبين مع الايام خطأ اعتقادي. فهذه الشبكات الحرة، غير المقيدة برقابة السلطة، والبعيدة عن تحكم حارس البوابة، ما هي إلا مصيبة وحلت علينا. فهي وان منحت الخيرين منا حرية النشر والتعليق والإبداع، الا انها منحت شرارنا ذات الحق، ولكن لأغراضهم الخاصة.
كيف يستوي من يسعى خلف الصمود، ولا شيء سواه، ومن يستهوي بث كراهيته وسخفه، لا بل تضليله ودعايته. ولننظر إلى قرار تعيين رئيس جديد لبلدية غزة، وكيف انطلق من قاعدة التدافع الإيجابي، ليتحول إلى مواجهة محتدمة، بين اولئك الذين يعتبرون القرار خطوة في طريق التصحيح، واولئك الذين لا هم لهم سوى التصيد والتخريب، أياً كانت النتائج المترتبة عن افعالهم. نكاد نصاب بالغثيان لحجم الكراهية الموجود، وكأننا اعداء انفسنا، قبل ان تكون (إسرائيل).
علينا أن نعترف، أن الشبكات الاجتماعية هي بكل تأكيد منصات للاستقطاب، يرعى داخلها من هم دون مستوى التحديات الوطنية، يزينون لسوأة الخائن، ويخونون لحسنة الشريف. قد تجعل منك بطلاً، قائداً، مؤثراً، وايضاً خائناً وخسيسا. كيف يمكن تجاوز هذه المعضلة وقد استفحلت؟ وهل الانقسام اصل الشرور؟ ام اننا الشر بذاته؟ تزداد حيرتنا بتقادم الأيام، وتتقلص خيراتنا مع كل موجة كراهية جديدة.
والحقيقة أن لهذه المنصات جانبا شديد الحلكة. وبعيداً عن كونها اداة للتعبير الحر، فهي وسيلة للكذب، ومستقر لا نهائي لأصحاب الاجندات الخفية والمشبوهة، وملعب لمحاولات التضليل المستمر، ودفع للناس نحو الاعتقاد والتفكير بأسلوب ينسجم ويتقاطع مع اهداف، اقل ما توصف انها خبيثة. ودعونا نستدعي معاً تلك السجلات التي تقع يومياً على صفحاتنا، وكيف ان فئة من المستخدمين لا هم لها سوى حرف النقاشات او الافكار عن سكتها الاصلية، وكأنهم في سباق محموم، نحو تعميق خلافاتنا، وتحقيق مزيد من التشرذم داخل مجتمعنا.
آن الأوان، برأيي، لإعادة النظر في سلوك مستخدمي مواقع الشبكات الاجتماعية، من خلال استصدار قرارات ملزمة تضبط حالة الفلتان المصطنعة. فجبهتنا الداخلية تواجه تحديات خطيرة، ليس اقلها محاولات البعض زعزعتها وتفتيتها عبر ما كان مفترضا ان يكون سلاحا لوحدتنا وصمودنا.