قبل أشهر عاد المواطن مازن حميد، إلى مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين في لبنان، بعد أن كان قد تركه وانتقل للعمل في العاصمة الأردنية عمان؛ بحثًا عن فرصة عمل تكفل لأسرته حياة كريمة، لكن دون جدوى.
ويصف حميد لصحيفة "فلسطين" أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بالصعبة جدًّا والمزرية، حيث إنهم باتوا غير قادرين على مواجهة متطلبات الحياة، بسبب ارتفاع أعداد العاطلين عن العمل، ومنع قانون العمل اللبناني اللاجئ الفلسطيني من العمل في أكثر من 70 مهنة، وما تلاها قرار وزارة العمل اللبنانية الأخير بإغلاق مؤسسات تجارية مملوكة للفلسطينيين واعتبار العامل الفلسطيني أجنبيًّا.
ويقول حميد: إن أوضاع اللاجئين الفلسطينيين بمخيمات اللجوء في لبنان الأسوأ على الإطلاق، فتجدهم غير قادرين على توفير قوت أطفالهم، ويحاولون العمل بأقل القليل، ويتنقلون بين المؤسسات الخيرية والدولية لتوفير احتياجاتهم من المأكل ومتطلبات الحياة.
مؤامرة دولية
ويؤكد حميد، المعيل لأسرة مكونة من سبعة أفراد، أن تضييق الخناق على الفلسطينيين هدفه تهجيرهم من الأراضي اللبنانية في مقدمة لطمس حقهم في العودة إلى أراضيهم المحتلة منذ عام 1948، وإشغالهم بالسعي وراء الرزق.
ولا يختلف الحال كثيرًا عن أحمد غنيم، الذي أكد أن أوضاع اللاجئين في مختلف مخيمات اللجوء بلبنان تزداد سوءًا يومًا بعد يوم، مرجعًا ذلك لارتفاع أعداد البطالة وعدم مقدرة اللاجئين على توفير احتياجات أسرهم.
ولفت غنيم الذي يعمل في أحد المحلات التجارية داخل مخيم شاتيلا، إلى تراجع الحالة الشرائية بشكل كبير جدًّا هذا العام عن الأعوام الماضية، واقتصار العملية الشرائية على بعض المنتجات الضرورية فقط.
ويؤكد لـ"فلسطين" أن اللاجئين في لبنان يعتمدون أساسًا على المساعدات الإغاثية التي تقدمها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" والفصائل الفلسطينية، وبعض المؤسسات الدولية والعاملة في مجال الإغاثة.
ويشير إلى أن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان يتعرضون لمؤامرة دولية هدفها دفعهم للهجرة والبحث عن فرص للعمل خارج الأراضي اللبنانية، متمنيًّا أن يتم مساواة الفلسطينيين باللبنانيين، خاصة وأنهم أصحاب قضية ويعيشون بصورة مؤقتة لحين عودتهم إلى أراضيهم المحتلة.
وكانت وزارة العمل اللبنانية أعطت مهلة لمدة شهر لتصويب أوضاع المؤسسات التي لديها "عمال غير نظاميين" أو "مخالفين قانونيًّا"، وبعيد انتهائها عمدت إلى حملة نتج عنها إقفال 34 مؤسسة، يعمل فيها لاجئون فلسطينيون.
أوضاع مأساوية
ويؤكد عضو الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، ياسر علي، أن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان يعيشون فقرًا مدقعًا وحياة مزرية. وهذا ما وثقته إحصائية أجرتها الجامعة الأمريكية في بيروت بالتعاون مع وكالة "الأونروا" خلال دراسة الحالة الاقتصادية والاجتماعية لهم عام 2015.
وقال علي لـ"فلسطين": إن 66.5% من الفلسطينيين في لبنان تحت خط الفقر، منهم 6% تحت خط الفقر المدقع، و56% عاطلون عن العمل، و33% يعانون أمراضًا مزمنة، في حين بلغت نسبة الأمية نحو 25%.
وأضاف أن اليد العاملة للفلسطينيين في لبنان من غير المتعلمين رخيصة في ظل غلاء المعيشة والحياة، إلى جانب الأوضاع الأمنية، وعدم إقرار الدولة اللبنانية الحقوق المدنية والإنسانية للفلسطينيين، خصوصًا عدم قدرة من يحصل على شهادات جامعية على الانضمام إلى النقابات، ومن ثم على مزاولة مهنته، ما يدفعه للبحث عن فرص للعمل والعيش في دول الخليج وأوروبا.
وبين أن أكثر مخيمات اللاجئين في لبنان سوءًا "برج البراجنة، وشاتيلا، وعين الحلوة"؛ نظرًا لارتفاع أعداد سكانها، وارتفاع أبنيتها وضيق شوارعها.
ووفق دراسة الجامعة الأمريكية، فإن أعداد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى "الأونروا" بلبنان يبلغ 495 ألفًا، يعيش منهم فعليًّا في البلاد ما بين 260 إلى 280 ألف لاجئ.
ويواصل اللاجئون الفلسطينيون في لبنان احتجاجاتهم في المخيمات الفلسطينية وحولها للمطالبة بإلغاء ضرورة الحصول على تصريح عمل كشرط للقبول في وظيفة.
ويمنع القانون اللبناني اللاجئين الفلسطينيين من ممارسة أكثر من 70 حرفة ومهنة، إضافة إلى شروط واجب توافرها للحصول على إجازة عمل.