"سهرنا، تعبا، نجحنا، فرحنا، والحمد لله رب العالمين"، هذا شعار الناجحين في الثانوية العامة، والذين أدركوا مبكرًا أنه ما نيل المطالب بالتمني، فسقوا طموحهم بعرق الاجتهاد وأصروا على إدخال الفرحة لقلوبهم وقلوب أهلهم بعدما قضوا عامًا دراسيًّا كاملًا يتنقلون بين أحضان الكتب ما بين بحث عن إجابةٍ هنا وإجابةٍ هناك حتى أتاهم النجاح.
لكن ثمة أسئلة يطرحها الواقع، ماذا بعد اليوم الثاني للنجاح، هل يملك الطالب خطة طريق نحو مستقبله، أم سيترك أشرعة سفينته لأهواء الواقع ويقع ضحية الظروف التي قد تجبره على سلك طريق لا يرغبه ويتأثر بإغراءات الجامعات التي تجتهد لكسب ود الطلبة وقلوبهم وجيوبهم؟
لا شك أن التوجيهي هي مرحلة مفصلية إلى حد كبير حيث تنقل الطالب من نقطة لنقطة أكثر تطورًا وشمولية، وتضع قدميه على عتبة المستقبل، لذا عليه أن يدخل المستقبل ولديه مفاتيح التعامل معه.
وهنا أضع عدة مقترحات للطالب الناجح وأتمنى أن يستأنس بها في عملية اتخاذ القرار:
. اقرأ نفسك جيدًا وتعرف على ميولك واهتماماتك ومهاراتك، ماذا تريد وهل تقدر وهل تعرف؟ هذا يمنحك رؤية أوضح للتخصص الذي يناسبك؟
. استشارة أهل الخبرة والرأي.
. فرق بين رغبتك في تخصص ما وبين رغبة السوق، فالرغبة الشخصية لم تعد هي المعيار المهم في الاختيار، فالسوق له كلمة قوية، فإن رغبت بتخصص ما وسوق العمل يفضل تخصصًا آخر، فاستمع لنصيحة سوق العمل، وبإمكانك إبقاء العلاقة مع التخصص المفضل لديك من خلال الاطلاع والقراءة فيه.
. أنصح بالتوجه للتخصصات العملية الحديثة مثل صيانة أدوات مكتبية، برمجة الحاسوب وتطوير المواقع والتجارة الإلكترونية، والتخصصات التي لو لم يحصل من خلالها على وظيفة عمومية يمكنه العمل بها في القطاع الخاص أو فتح مشروع خاص به، بمعنى آخر، اختر تخصصًا يتيح لك العديد من الخيارات في المستقبل.
. اختر تخصصًا ثنائيًّا لتتجنب المشكلات المستقبلية في عدم إيجاد وظائف.
. لا تجعل حبك أو كرهك لمدرس مساق في الثانوية العامة معيارًا للتخصص فيه، فالتعلق بأستاذ المادة أمر مختلف تمامًا عن التعلق بالمادة نفسها.
. هل تخصصك المراد دراسته يمكنك أن تكمل به دراسات عليا في بلدك؟
. لا تخضع لفكرة الأسرة بأنها تريد لك التخصص في مجال معين للتفاخر، فأنت الذي سيقرأ.
أخيرًا، ليس كل ما ذكر سابقًا هو صوابٌ على الإطلاق أو خطأٌ على الإطلاقِ، إنما هي محاولةٌ مني لإبداء النصح لمن أحبُّ لهم الخير، انطلاقًا من "من كتم علمًا، فقد ألجمه الله لجامًا من نار يوم القيامة"، فالفكرة علم والمقترح علم.