يوماً بعد يوم، تتبجح الإدارة الأمريكية في دعمها اللامتناهي للاحتلال الإسرائيلي على حساب الشعب الفلسطيني، في تكثيف الاستيطان في جميع أنحاء مدن الضفة الغربية المحتلة، على الصعيدين السياسي والعسكري.
فمنذ وصول الرئيس دونالد ترامب إلى سدة حكم الإدارة الأمريكية، لم يتوقف المسؤولون الأمريكيون عن إطلاق تصريحات عنصرية دعماً للاستيطان، وكان آخرها وصف المبعوث الأمريكي في الشرق الأوسط جيسون غرينبلات، المستوطنات في أراضي الضفة بالأحياء والمدن.
وكثّفت سلطات الاحتلال من بناء التجمعات الاستيطانية في عهد ترامب، حيث سجلت ارتفاعاً غير مسبوق، وتزامن مع ذلك اعتبار حكومة الاحتلال أن كل شيء مباح في عصر هذه الإدارة الامريكية.
مدير وحدة مراقبة الاستيطان في معهد الأبحاث التطبيقية "أريج" سهيل خليلية، يؤكد، أن الولايات المتحدة تبنت الرواية الاسرائيلية بشكل كامل فيما يتعلق بتكثيف الاستيطان واعتبار المستوطنات جزءاً من مدن الضفة.
وأوضح خليلية لصحيفة "فلسطين"، أن تصريحات "غرينبلات" تشي بأن امريكا تسعى لتثبيت المستوطنات بأنها أمر واقع يجب التعامل معه.
وقال: "الإدارة الأمريكية تدعم (اسرائيل) بالمُطلق، عدا عن مساعي الأخيرة لضم التكتلات الاستيطانية الكبرى مثل معاليه أدوميم، وخاصة المُحيطة بالقدس لتحقيق ما يسمى بمشروع القدس الكبرى".
وأضاف أن "الولايات المتحدة تحاول إعطاء شرعية للاحتلال بالاستمرار في تكثيف الاستيطان"، متوقعاً أن يتم طرح قوانين في الأمم المتحدة تتعلق بوجود الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وبحسب خليلية، فإن هذه التصريحات تشي بوجود رؤية لدى الاحتلال بزيادة الاستيطان في الضفة الغربية خلال الفترات القادمة، بدعم كامل من الولايات المتحدة.
ولفت إلى أن الدعم الامريكي للاستيطان منذ سنوات طويلة، "لكن هذه الفترة وصل لمرحلة الذروة، في محاولة لتثبيت وجود ليس فقط الاستيطان إنما الاحتلال ككل"، وفق تقديره.
وشدد على ضرورة "تطبيق القانون الدولي الإنساني، وتشكيل جبهة عربية ودولية لمواجهة سياسات الاحتلال العنصرية ضد الشعب الفلسطيني، ومن بينها الاستيطان".
خطر على القضية
ويتفق مع ذلك، الخبير في شؤون الاستيطان صلاح الخواجا، حيث اعتبر تلك التصريحات "تُشكل خطراً على مستقبل القضية الفلسطينية برمتها".
ورأى الخواجا خلال حديثه مع "فلسطين"، أن هذه التصريحات تندرج في إطار محاولات مسؤولي الولايات المتحدة تضليل المجتمع الدولي وفرض شعارات جديدة عليه، تتجاوز كل المؤسسات والقوانين التي اعترفت بأن الأراضي الفلسطينية عام 1967 "محتلة".
ووصف حديث غرينبلات بأنه "مخالفة للقانون الدولي وتعد على حقوق الشعب الفلسطيني"، مشيراً إلى أنه يندرج في إطار مساعي الاحتلال المستمرة وتعزيز الاستيطان وأن الاراضي المحتلة "متنازع عليها وليست محتلة".
وقال: "يجب إنهاء هذا الظلم عن الشعب الفلسطيني بالكل، سواء الممارسات اليومية من عمليات قتل وإبادة ومصادرة أراض، وحصار غزة، وغيرها التي تأتي في إطار منظومة الاستعمار الاحتلالي التوسعي".
وأضاف "مهما حاول الاحتلال أن يزيد من بطشه وظلمه للشعب الفلسطيني، فإنه لن ينقص من مكانة وحضارة فلسطين وستبقى للفلسطينيين".
وشدد على أن "كل محاولات الاحتلال بفرض واقع جديد في المناطق الفلسطينية ستبوء بالفشل".
وجدد الخواجا تأكيده على ضرورة تبني استراتيجية وطنية كفاحية، وقيادة تؤمن بأننا في مرحلة الكفاح والصراع والانتفاضات مع الاحتلال، "فشعبنا اليوم بحاجة لانتفاضة شاملة ضد جرائم الاحتلال"، وفق رأيه.
وأظهرت إحصائيات فلسطينية أن مجموع المستوطنات في الضفة الغربية والقدس المحتلتين بلغت 503 مستوطنات، يقطنها أكثر من مليون مستوطن، حيث تتواجد 474 مستوطنة في الضفة الغربية و29 مستوطنة بالقدس.
وأشارت الاحصائيات حول المساحات في الأراضي الفلسطينية إلى ما يلي: الضفة الغربية 5844 كم2 بما فيها شرقي القدس. قطاع غزة: 365 كم2. بينما مساحة الأراضي المقام عليها المستوطنات: مساحة البناء للمستوطنات القائمة 196 كم2، و مساحة البناء والتوسع الاستيطاني المستقبلي: 540 كم2، بينما مساحة الأراضي التي تم الاستيلاء عليها وما تزال فارغة حول المستوطنات: 343 كم2.