هدم أكثر من 100 شقة في واد الحمص بالقدس المحتلة، هل سيؤدي إلى ردة فعل فلسطينية تواكب وتوازي مجزرة الهدم؟!، فساعة بساعة يواصل الاستيطان استنزاف ما تبقى من الأرض في القدس وبقية الضفة الغربية، وفرض الوقائع على الأرض بالقوة والأساليب الماكرة الأخرى، في الوقت الذي وقف فيه الفلسطينيون دون حراك أو خطط تكتيكية أو إستراتيجية لمواجهة الخطر الداهم والخطير جدًّا.
هل استسلم الفلسطينيون للاستيطان؟!، سؤال صعب لكونه لا يعقل أن يستسلم أي إنسان أو أي شعب لمحتلي أرضه، إذًا ما الذي يحصل مع عدم وجود رد فلسطيني على الاستيطان المتفشي كالسرطان في قلب الضفة الغربية؟!
واضح جدًّا أن أسلوب المقاومة الشعبية الذي تنتهجه السلطة الفلسطينية، وكل قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة، لم تثن "نتنياهو" عن مصادرة المزيد من الأراضي والتوسع الاستيطاني؛ فما دام لا يوجد ضغط وثمن يدفعه سيلتهم المزيد.
الاستيطان يستهدف كل شيء، وكل مقومات الحياة في الضفة الغربية، ويدمر اقتصادات المزارعين الفقراء، ويتركهم بلا أرض يعتاشون منها، وبلا عمل أو أمل؛ ويا للأسف!، اضطر بعضهم تحت ضغط الفقر والبطالة إلى العمل لدى الاحتلال.
تشكل عمليات الاستيطان المتواصلة إعلانَ حرب على القانون الدولي، ونهبًا لمقدرات الشعب الفلسطيني، وتكريسًا للأمر الواقع، وجزءًا من عملية نهب وتدمير مقومات الدولة الفلسطينية المستقلة المنشودة، التي على ما يبدو أقيم بدلًا منها دولة المستوطنين، وإلا فكيف نفسر كل هذا الانتشار الواسع للاستيطان دون رد فلسطيني؟!
كل يوم تنشر وسائل الإعلام أخبارًا جديدة عن مصادرات جديدة في مختلف مناطق الضفة الغربية؛ والحجج جاهزة من قبيل "ضرورات أمنية، أو أراضي دولة أو أراض مبيعة"، وكلها حجج باطلة لا يقرها القانون الدولي.
ومثالًا على تأثير الاستيطان على الضفة الغربية، الحواجز التي تقطع الضفة إلى كانتونات بحركة أصبع من مجندة، وتحولها إلى معازل ومناطق مغلقه، وتترك المستوطنات في أريحية وطرق سهلة وسريعة، وأمن وأمان.
رواية حكومة الاحتلال على الدوام لا تقنع أحدًا، أنه يحق لليهود بناء المستوطنات في المناطق التي يعدّونها جزءًا من أرض (إسرائيل) التوراتية والمعروفة باسم "جوديا" و"السامرة"، لجوءًا إلى التاريخ المزيف لتسويغ احتلالهم الأرض، رافضين الرؤية العامة للمجتمع الدولي التي ترى في هذا المنطق احتلالًا للأراضي الفلسطينية، ويصرّون على أنها أرض متنازع عليها كما صرح مستشار الإدارة الأمريكية" غرنبيلات" أمس الأول.
وتساهم المستوطنات الزراعية في منطقة الأغوار والمناطق الأخرى في ضرب المحاصيل الزراعية الفلسطينية، وهو تأثير آخر للاستيطان على الفلسطينيين مدمر.
يعدّ القانون الدولي الإنساني الأراضي المحتلة عام 67 أراضي محتلة، ولا يجوز الاستيطان فيها بإقامة منشآت للدولة المحتلة فوقها، وهو ما لا تعترف به دولة الاحتلال تحت منطق القوة والإرهاب، والمجتمع الدولي لا يضغط ولا يقوم بدور حقيقي لإجبار الاحتلال على وقف الاستيطان، وهو قادر، إن أراد، ولكنه لا يريد بسبب معادلة القوة.
منطق الأمور وصيرورة الحياة لا يقبلان ويرفضان دوام الظلم والحجج الكاذبة المغلفة بالدين وخزعبلات أحبار اليهود، ومسألة وقت هدم الأصنام وكنس الاحتلال، فلا ظلم يدوم ولا احتلال يبقى، ما دام هناك من يقاوم.