فلسطين أون لاين

​هكذا تتسبب سياسات الاحتلال في تلويث بحر غزة المُحاصَر

...
صورة أرشيفية
غزة/ نبيل سنونو:

تهدد سياسات الاحتلال الإسرائيلي بحر قطاع غزة بمزيد من التلوث الذي سببته على مدار السنوات الماضية، إذ يمنع إدخال مواد ومعدات لازمة لمشاريع محطات التحلية ومعالجة مياه الصرف الصحي، ويعرقل حل أزمة الكهرباء المزمنة، في إطار الحصار المتواصل منذ 13 عامًا.

وتحذر تقارير عدة صادرة عن الأمم المتحدة من خطورة الحصار وانعكاساته، وأن قطاع غزة "لن يكون ملائمًا للعيش بحلول 2020م"، ما لم تتخذ إجراءات عاجلة لتحسين إمدادات المياه والكهرباء وخدمات الصحة والتعليم.

ويقول المدير العام للمياه والصرف الصحي في بلدية غزة م. رمزي أهل: "إن جميع ممارسات الاحتلال تجاه قطاع غزة خارجة عن إطار القانون الدولي بكل المعايير"، مشيرًا إلى تقرير الأمم المتحدة المذكور الذي عد القطاع نتيجة ذلك مكانًا غير قابل للحياة بحلول 2020م.

ويذكر أهل في حديث إلى صحيفة "فلسطين" أن سفراء بلدان "الاتحاد من أجل المتوسط" وافقوا قبل أعوام على مشروع إنشاء محطة لتحلية المياه في قطاع غزة، ولفتوا إلى أن الخزان الجوفي في القطاع ملوث، وليس فقط مياه البحر، لكن حتى الآن لم ينفذ.

ويشير في الوقت نفسه إلى أن محطة معالجة مركزية لمياه الصرف الصحي بتمويل ألماني كان يفترض الانتهاء من إنشائها منذ سنوات، لكن حتى اللحظة هناك معيقات أمام إدخال قطع كهربائية للمحطة حتى تعمل، غير المعيقات التي تواجه محطة المعالجة الخاصة بمدينة خان يونس والقرى المحيطة فيها جنوب القطاع.

مسببة للمرض

وبحسب تقرير لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة "أوتشا"، نشر في آب (أغسطس) الماضي، إن المؤشر المستخدم في قياس التلوث (وهو الطلب البيولوجي على الأكسجين) يعكس وجود ميكروبات مُمْرِضة وغير ممرضة ناشئة عن مياه الصرف الصحي، ومخلفات المجاري، ويمكن أن تتكاثر في جسم الإنسان وتسبب المرض.

وفي التقرير ذاته أظهرت معطيات العام الماضي أن الشواطئ في مدينة غزة -وهي الوجهة الرئيسة للسياحة الداخلية- وفي محافظة رفح، عالية التلوث، وتشكل هذه الشواطئ ما نسبته 75% من شواطئ القطاع.

وينبه أهل إلى أن كمية الكهرباء المحدودة الموفرة لقطاع غزة عامل مؤثر في الكارثة، قائلًا: "إن محطة توليد الكهرباء الوحيدة تنتج في أحسن الأحوال فقط 70 ميجاوات، وخلال السنوات السابقة كانت تتوقف تمامًا بسبب الاحتلال، ما يؤدي إلى توقف محطات الضخ التي كان يفترض أن تضخ مياه الصرف الصحي باتجاه محطات المعالجة بدلًا من البحر".

ويتابع: "إن محطات المعالجة في قطاع غزة كانت تتأثر كثيرًا بالتيار الكهربائي"، مكملًا: "الوضع الآن تحسن نسبيًّا (من ناحية إمكانية تشغيل محطة التوليد)، لكنه مرشح في كل لحظة للرجوع إلى ما كان عليه في السابق".

وكان تقرير "أوتشا" أشار آنذاك إلى أن العجز الحاد في إمدادات الكهرباء في قطاع غزة، وما يقترن به من غياب البنية التحتية الملائمة لشبكات الصرف الصحي، يتسببان في تصريف 100-108 ملايين لتر من مياه الصرف الصحي "الرديئة المعالجة" إلى البحر كل يوم، ما يسبب مخاطر صحية وبيئية جسيمة، لاسيما خلال فصل الصيف، فضلًا عن أن محطات المعالجة تعمل فوق طاقتها.

تقويض عمل المحطات

وبسبب العجز الهائل في إمدادات الكهرباء، تعتمد هذه المحطات اعتمادًا كبيرًا على المولدات الاحتياطية التي تعمل على الوقود لتشغيلها بقدرات محدودة، وفضلًا عن ذلك، تسبب شح التمويل، ونقص قطع الغيار التي يمنع أو يؤخر الاحتلال إدخالها في إطار الحصار، في تقويض عمل هذه المحطات؛ بحسب إفادة "أوتشا".

ويؤكد المدير العام للمياه والصرف الصحي في بلدية غزة أن الاحتلال هو المسؤول عن كل ما يعيش فيه قطاع غزة من ظروف صعبة بيئيًّا وإنسانيًّا واقتصاديًّا، لافتًا إلى أن أكثر من مليوني فلسطيني يعيشون في القطاع الذي لا تتجاوز مساحته 365 كم2، أي أن كل 5500 مواطن منهم تقريبًا يعيشون على كم2 واحد فقط، وهو أمر لا مثيل له حتى في أكثر دول العالم كثافة سكانية.

ويخلص أهل إلى أن الاحتلال يعيق تنفيذ مشاريع محطات التحلية والمعالجة المركزية، ويمنع إدخال الكثير من القطع والمواد الكهربائية والميكانيكية اللازمة.

ويتمم: "إن محطات تحلية مياه البحر تواجه خطر الإغلاق؛ بسبب عدم توافر الكميات اللازمة من التيار الكهربائي لتشغيلها، وحاجتها إلى كميات هائلة من السولار".

ومنذ حزيران (يونيو) 2007م، يشدد الاحتلال الحصار البري والبحري والجوي على قطاع غزة، عقب فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية التي أجريت في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة عام 2006م، ويفرض قيودًا على التنقل في القطاع منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي.