منذ اللحظات الأولى لإعلان الولايات المتحدة الأمريكية ما يعرف بـ"صفقة القرن"، اتخذت السلطة الفلسطينية مواقف معارضة في العلن، وتوجت بعدم حضورها مؤتمر البحرين الذي عقد بالعاصمة المنامة مؤخرًا بمشاركة عدد من الدول العربية، ورجال الأعمال.
لكن الرفض الفلسطيني الذي ترجم بمقاطعة السلطة للولايات المتحدة لم يستمر طويلًا، حيث كشفتصحيفة "إسرائيل اليوم"، قبل أيام، أن قيادة السلطة الفلسطينية تعيد التفكير الآن في كل ما يتعلق بـ"صفقة القرن"، وأرسلت رسائل ناعمة للبيت الأبيض بهذا الخصوص.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول رفيع بالسلطة، أن رام الله تبادلت رسائل مع واشنطن من أجل تصويب الأمور وإنهاء مقاطعة رئيسها محمود عباس للرئيس الأميركي دونالد ترمب وفريقه، صهره ومستشاره جاريد كوشنر، والمبعوث الخاص إلى المنطقة جايسون غرينبلات.
مؤشرات لإعادة العلاقات
المحلل السياسي راسم عبيدات يؤكد أن هناك العديد من المؤشرات تدلل على نية السلطة الفلسطينية إعادة العلاقات مع الولايات المتحدة، أبرزها إجراء شخصيات مقربة منها للقاءات مع مسؤولين أمريكيين وتبادل للرسائل بطريقة غير رسمية.
ويقول عبيدات في حديث لصحيفة "فلسطين": "اللقاء الرسمي الذي جمع وزير المالية في حكومة الاحتلال الإسرائيلي موشيه كحلون، بوزير المالية الفلسطيني شكري بشارة ووزير الشؤون المدنية حسين الشيخ، لإيجاد حل بسبب خصم ضرائب المقاصة، أحد الدلائل على رغبة السلطة بالجلوس مع الولايات المتحدة".
ويرى عبيدات أنه في حالة أعادت السلطة الفلسطينية علاقاتها السياسية مع الولايات المتحدة، فهي تذهب إلى "انتحار سياسي"، وستضع الشعب في مأزق كبير، وستثبت أنها لم تخرج من خط التفاوض الهزلي.
ويشير إلى أن الولايات المتحدة تقود مؤامرة على حقوق الشعب الفلسطيني، ضمن ما يعرف بـ"صفقة القرن"، التي بدأتها بالشق الاقتصادي من خلال مؤتمر البحرين الذي عقد في المنامة.
ويلفت إلى أن ما ذكرته الصحيفة الإسرائيلية حول استعداد وفد رسمي من السلطة لمغادرة الأراضي الفلسطينية إلى واشنطن لمقابلة مسؤولين أمريكيين "سيزيد من حالة الانقسام الفلسطيني الداخلي، ويضعف أي آمل للتحقيق الوحدة الوطنية".
وكانت الصحيفة الإسرائيلية قد عزت أسباب تغير النهج الفلسطيني إلى الوضع الاقتصادي القاسي التي تعاني منه السلطة؛ وكون رام الله مهتمة بالتأكيد بتجديد المساعدات الأميركية.
انعكاسات الأزمة المالية
من جانبه يرى الباحث السياسي محمود حلمي أن القطيعة بين السلطة الفلسطينية والإدارة الأمريكية لن تستمر طويلاً، "فعباس يدرك أن لواشنطن القوة السياسية العليا في المنطقة، ويعي جيدًا الدور الذي تلعبه".
ويقول حلمي لـ"فلسطين": "السلطة الفلسطينية تمر الآن بأزمة مالية صعبة بسبب مواصلة سلطات الاحتلال الإسرائيلي خصم أموال المقاصة التي تبلغ 500 مليون شيكل والتي كانت تحول لخزية السلطة شهريًّا".
ويضيف: "تعلم السلطة أن الولايات المتحدة تستطيع الضغط على حكومة الاحتلال الإسرائيلي من أجل السماح بتحويل هذه الأموال وإنهاء أزمتها، لذا من الممكن أن تذهب بالفعل إلى واشنطن وتعيد العلاقات".
ويعتقد الباحث السياسي أن قبول السلطة بعودة العلاقات مع الولايات المتحدة في هذا التوقيت، يعني موافقة مبدئياً من قبلها على "صفقة القرن" رغم عدم مشاركتها في مؤتمر البحرين الذي عقد مؤخراً.