في الإسلام ثنائيات متلازمة إحداها مرتبطة بالأخرى ارتباطاً وثيقاً، منها الإيمان والعمل الصالح، وهذا الارتباط يرسم لنا صورتين متناقضتين (إيمانًا بلا عمل صالح) و(عملًا صالحًا بلا إيمان)، فالإيمان ومشتقاته في القرآن متبوع دومًا "بالعمل الصالح" خذ مثلا ً قول الله عز وجل (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) و(إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات)، وفي السنة النبوية أحاديث تؤكد ذلك، حيث قال رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام: (والله لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) و(والله لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه).
تُرى لماذا ثنائية الإيمان والعمل الصالح؟
كأن مغزى ذلك "إن الله طيبٌ لا يقبل إلا طيبًا"، فالإيمان مهما كبر لا يُقبل إلا بالعمل الصالح، والعمل الصالح مهما كبر لا يُقبل بدون الإيمان، وهذا يؤكد ضرورة انسجام أعمال القلوب مع أعمال الجوارح، وهذا دليلٌ واضحٌ وقويٌ على أن الإسلام دينٌ عملي، أليس حب الخير للآخر وأمن الجار وإطعامه عمل صالح؟ نعم.
قد يسأل أحدنا سؤالًا: ماذا عن غير المؤمن الذي يعمل أعمالًا صالحة؟
الناظر للغرب يجد فيه الكثير من مظاهر العمل الصالح، العدل، إتقان العمل، مساعدة الفقراء، زراعة الأشجار، الأمانة والصدق في القول والعمل، العلم، النظافة، النظام، رغم أنهم غير مؤمنين، الجواب هو أن الذي يعمل صالحًا وهو غير مؤمن، ليس له في الآخرة من خلاق، فالتكاليف يؤدّيها بحقها وينال ثوابها من صحَّ إيمانه، فقد قال تعالى يعلمنا بحبوط العمل مهما بلغ عندما يؤدى بمعزل عن الإيمان في ختام آية تبين تكاليف مادية ﴿وَمَن يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾.
انطلاقًا من أن الإيمان يُمثِّل البذرة، والعمل الصالح يُمثل الماء، فلا بذور بدون ماء؟ ولو سقيت بالماء ستنمو ونحصد ثمارًا لذيذة، فيا ترى ما ثمرات الإيمان والعمل الصالح:
حب الله تعالى والجنة ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا﴾.
تمكين ورقي (وَعَدَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ).
تحديد الهوية (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ﴾.
ختاما يحلو لي القول: إنه لا يصح أن يسير إيمان الإنسان في قاطرة متجهة للغرب، بينما عمله يسير باتجاه الشرق، فالإيمان والعمل الصالح يجب أن يسيران في مركبة واحدة، وإلا فمصيرها الغرق بين بحر التناقض، وتذكروا أنه بالصالحات يُستدل على الإيمان.