فلسطين أون لاين

​شهرة الأطفال على مواقع التواصل الاجتماعي.. إنجاز إذا حققت رغباته وطموحاته

...
مواقع التواصل الاجتماعي هي عالم افتراضي
غزة/ مريم الشوبكي:

لم تعد الشهرة عبر منصات التواصل الاجتماعي حكرًا على الكبار فقط، بل ضجت بكثير من الأطفال الذين يستخدمهم أهلهم من أجل الشهرة أو رغبة منهم بالظهور، وحينما ينتشرون ويحصلون على آلاف المتابعين يشعرون بالإنجاز. لكن نشوة الإنجاز وحالة الفرح هذه، هل لها مخاطر على شخصية الطفل ونفسيته؟، وهل تسلب الشهرة منه طفولته وبراءته؟ وهل لها دور في تنمية مواهب الطفل وتوجيهها؟ هذه التساؤلات وغيرها يجيب عليها اختصاصي الصحة النفسية إسماعيل أبو ركاب.

يقول أبو ركاب لـ"فلسطين": "يحتاج الطفل ما قبل المراهقة إلى الاحتكاك بالواقع أكثر من العالم الافتراضي، ولذلك إذا كان استخدامه لمواقع التواصل الاجتماعي مقننًا بشكل يوازي بين رغباته وطموحاته وبين الواقع والمحيط الاجتماعي، فإن ذلك سيكون داعما له من النواحي الشخصية والقيادية".

ويتابع "لكن إذا كان العكس كان ذلك مدعاة لجر الطفل إلى عدم الواقعية وإلى الشعور بالإنجاز الوهمي الذي سرعان ما يرتد على صاحبه، وتختصر الإيجابيات في إتاحة الفرصة للطفل والتعبير عن قدراته وإمكانياته مما يزيد من ثقته بنفسه ومن قدراته في تحديد أهدافه المستقبلية وطبيعة المهنة أو التخصص المستقبلي؛ وكل ذلك إذا كان هناك متابعة وتقنين لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي".

وأشار أبو ركاب إلى أن الأطفال دون المراهقة ليس لديهم القدرة الكافية على التمييز بين المدح والثناء الواقعي والمدح والثناء اللاواقعي، فلذلك شعور الوالدين والمقربين له بإنجازه وتميزه على مواقع التواصل الاجتماعي يزيد من شهيتهم في الدعم اللا محدود لهم.

ولفت إلى أن الطفل يحاول بقدر الإمكان تقمص بعض الشخصيات المشهورة لتكتمل فكرته عن نفسه، ولتزيد ثقته أيضًا بنفسه، فلذلك نجده يرسم لنفسه مستقبلا وهميا هو أقرب إلى الخيال منه للواقع، وكل ذلك يحصل في حال لم ينصحه الوالدان على التوازن في العلاقات الاجتماعية الواقعية وبين العلاقات الاجتماعية في الفضاء الأزرق.

وأكد اختصاصي الصحة النفسية، أنه مع دعم الأهل لأطفالهم للانتشار على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن شرط أن يرسموا هدفا محددا لابنهم ليصلوا إليه، لكن إذا كان الدعم لمجرد الدعم فإن النهايات والنتائج ستكون غير متوقعة وفي أغلبها سلبية.

ونصح الآباء بعدم جر أبنائهم إلى مواقع التواصل الاجتماعي قبل النضج الفكري والعاطفي، لما يسببه ذلك من مخاطر غير محمودة، وإن أراد الآباء اشراكهم في تلك الخبرة وخصوصًا الأطفال بعد مرحلة الابتدائي فيجب وضع قواعد معينة منها الوقت الذي يقضيه الطفل ومع من يقضيه والأشياء التي من الممكن أن يشاركها ويشاهدها لأن مخاطر تلك المواقع كبيرة ومتشعبة.

وعن دور الأهل هنا في حماية أطفالهم، أجاب أبو ركاب: "مواقع التواصل الاجتماعي هي عالم افتراضي ممكن أن يصل فيه الطفل الموهوب إلى مبتغاه، لكن هناك كم كبير من المخاطر قبل الوصول أو التعبير عن الموهبة".

وأردف: "كل ذلك يحتاج إلى توجيهات الكبار فمثلاً مقاطع اليوتيوب لها أثر كبير في تعبير الطفل عن موهبته ومخاطرها قليلة بالمقارنة ببعض المواقع الأخرى، فإذا وجد الطفل التوجيهات الايجابية في كيفية استخدام تلك الوسائل فإن ذلك سيخفف بقدر كبير منها".

ولفت أبو ركاب إلى أن دعم المواهب ليس فقط في مواقع التواصل الاجتماعي، فهناك كم كبير من الوسائل للتعبير عن موهبة الطفل، للاحتفاظ بموهبته فترة طويلة وتشجيعه على الاستمرار فيها من خلال كلمات الثناء والتعزيز الايجابي، والتقبل والدعم المعنوي، والمادي، كل ذلك يُبقي أثر الموهبة لأطول فترة ممكنه ويزيد من قدرات الطفل لإظهارها في الوقت المناسب.