فلسطين أون لاين

وثقة المتعاملين

​اقتصاديون: طرح السلطة عملة رقمية يتطلب استقرارًا اقتصاديًّا

...
صورة أرشيفية
غزة/ رامي رمانة:

مجددًا أعادت السلطة الفلسطينية الحديث عن إمكانية الاستغناء عن العملة الإسرائيلية، وهذه المرة بإصدار عملة فلسطينية رقمية مشفرة، وبررت مسعاها بأنه يندرج في إطار الانفكاك عن التبعية لاقتصاد الاحتلال.

مسعى السلطة على الرغم من أهميته إلا أنه يتطلب -حسب المراقبين الاقتصاديين- استقرارًا في الاقتصاد الفلسطيني الذي يواجه ارتفاعًا في مستويات البطالة وعجزًا في الميزان التجاري، وضعفًا الناتج المحلي.

كما تتطلب العملة الرقمية حسب الاقتصاديين الحيازة على ثقة المتعاملين لإنجاحها وضمان موافقة وعدم عرقلة الاحتلال لها، متسائلين عما إذا كان ينطلق طرح السلطة للعملة من دراسة معقمة، وجدوى كاملة أم ربما وسيلة للضغط على الاحتلال بسبب الأزمة المالية التي تواجه السلطة بسبب تل أبيب.

وكان رئيس حكومة رام الله محمد اشتية، صرح أول من أمس: إن حكومته بصدد استخدام "عملة رقمية ومشفرة"، لتجاوز عراقيل الاحتلال.

وإبان حرب الـ"1967" ووقوع قطاع غزة والضفة الغربية والقدس تحت الاحتلال الإسرائيلي، اعتمد الفلسطينيون في تعاملاتهم المالية على ثلاث عملات رئيسة وهي: الدينار الأردني والدولار الأميركي والشيقل الإسرائيلي.

ويرى الاختصاصي الاقتصادي نصر عبد الكريم، أن الظروف الحالية غير مشجعة على إصدار عملة رقمية، في ظل عدم استقرار الاقتصاد الفلسطيني الذي يواجه ارتفاعًا في مستويات البطالة وعجزًا في الميزان التجاري وتراجعًا في النمو الاقتصادي.

كما أشار عبد الكريم إلى أن العملة الإسرائيلية مفروضة التعامل على الفلسطينيين بحكم العلاقات التجارية والعمالة الفلسطينية في الداخل المحتل، وبالتالي من الصعوبة الانفكاك عنها في ظل عدم ثقة الفلسطيني بقوة اقتصاده، واعتماده على الصادرات الإسرائيلية والخارجية في تلبية احتياجاته من السلع والخدمات.

وقال عبد الكريم لصحيفة "فلسطين": إن إصدار العملة الإلكترونية كما النقدية، تتطلب قواعد قانونية وفنية، وتحضيرات كبيرة، والأهم حيازتها على ثقة المتعاملين".

وأضاف عبد الكريم أنه يفهم من حديث اشتية أن المقصود عملة رقمية تستخدم تطبيقات التكنولوجيا، وتعتمد على وحدة حسابية دونما أن يكون لها وجود مادي".

وبين أن اتفاق باريس الاقتصادي ينص على حق الفلسطينيين في الحصول على عملة خاصة بهم لكن شريطة موافقة الاحتلال الإسرائيلي.

ويعتقد الاقتصادي أن حديث اشتية قد يأتي من جانب الضغط على الاحتلال الإسرائيلي في أعقاب الأزمة المالية التي تواجه السلطة بسبب أموال المقاصة.

وليست هذه المرة الأولى التي يبحث فيها الفلسطينيون إمكانية الاستغناء عن الشيقل، حيث طرح الموضوع عام 1998.

وتكرر الحديث الذي كان آخره في فبراير العام الماضي، حين قررت حكومة الحمد الله تشكيل لجنة لدراسة إمكانية الانفكاك الاقتصادي عن الاحتلال، وإمكانية إصدار عملية وطنية بدلًا من الشيقل الإسرائيلي.

من جهته يستحسن الاقتصادي د. نور أبو الرب طرح حكومة اشتية، ويؤيد تطبيق العملة الرقمية على نطاق ضيق، لتقييمها قبل تعميمها إلى جانب التعامل مع العملات الأخرى.

وبين أبو الرب لصحيفة "فلسطين" أن فكرة العملة الرقمية تدور حول وضع السلطة محفظة مالية نقدية في حساباتها النقدية في البنوك يقابلها محفظة مالية رقمية، وهنا بدلًا من تسليم السلطة موظفًا راتبه ألفا شيقل على سبيل المثال، تعطيه عملة رقمية بنفس القيمة النقدية، يستطيع خلالها أن يتشرى ما يشاء من مؤسسات وأفراد يتعاملون بذات النظام.

وأضاف أبو الرب أن هذا الأمر يقلل التعامل من الشيقل الإسرائيلي إلى حد كبير، ذلك أن الفائض من الشيقل يشكل عبئًا ماليًّا على المصارف المحلية التي تضطر إلى الاحتفاظ بالعملة الإسرائيلية ودفع تكاليف لشحنها وتأمينها.

وأشار إلى أن الفلسطينيين لا يتلقون من الاحتلال مالًا مقابل استخدامهم عملته -التي تعد أجنبية- حسب ما هو متعارف عليه في الأنظمة الاقتصادية الدولية.

وحسب المعطيات فإن الاحتلال يأخذ من البنوك الفلسطينية ما مقداره (350-400) مليون شيقل شهريًّا، في حين يتجمع لدى البنوك حوالي 2 مليار شيقل، الجزء الأكبر من هذا الفائض موجود لدى صناديق تلك البنوك، وهي بالتالي تتعرض للخسائر الكبيرة بسبب عدم قبول البنك المركزي الإسرائيلي كامل عملة الشيكل المتولدة في الأراضي الفلسطينية.

من جهته قال الاختصاصي الاقتصادي د. رائد حلس: إن التداول بالعملة الرقمية يعد إحدى الخطوات المهمة لانفكاك الاقتصاد الفلسطيني عن اقتصاد الاحتلال لا سيما أن تعامل الاقتصاد الفلسطيني بثلاث عملات رئيسة من بينها الشيقل الإسرائيلي عمق من التبعية الاقتصادية مع اقتصاد الاحتلال.

ويرى حلس في حديثه لصحيفة "فلسطين" أن إصدار الفلسطينيين عملة رقمية سوف يزعج الاحتلال باعتباره المستفيد الأكبر من تعامل الاقتصاد الفلسطيني بعملة الشيقل وبالتالي من المتوقع فرض عقوبات اقتصادية ردًّا على هذه الخطوة

وحث حلس على المضي في هذه الخطوة خاصة مع استمرار الاحتلال الإسرائيلي في انتهاج التحكم والسيطرة في الاقتصاد الفلسطيني من خلال الحصار المفروض على الأراضي الفلسطينية وتقييد النشاط التجاري بسبب التحكم الكامل على المعابر والمنافذ بجانب التحكم والسيطرة بحجم السيولة النقدية المتداولة.