يعد اغتيال الأديب الفلسطيني غسان كنفاني خسارة للقضية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني وللثقافة الفلسطينية.
غسان كنفاني ليس مثقفا عاديا وليس كاتبا عابرا، وهو ليس موظفا في صحيفة أو دار نشر.
غسان كنفاني مثقف ملتزم ومفكر، وصاحب رؤية سياسية أصيلة، متمسك بهويته ووطنه، ومؤمن بالتحرير والعودة، ومناضل صلب ضد المشروع الصهيوني.
لذلك فإن كتابات غسان كنفاني وتاريخه الأدبي والصحفي قطعة من التاريخ الثقافي الفلسطيني المناهض للاحتلال.. وجزء من مسيرة الشعب نحو الحرية والعودة.
غسان كنفاني كتب فلسطين والإنسان والأرض.. أي أنه كتب عناوين ومرتكزات القضية الفلسطينية ومعناها وجوهرها.
من هنا جاءت أهمية غسان، وجاء تأثيره في الوعي الفلسطيني.. ولا شك أن مستوى كتاباته وعمقها وعلاقاته السياسية والصحافية الواسعة دفعت الاحتلال إلى اغتياله.. لتخسر الثقافة الفلسطينية والقضية علما من أعلامها وركنا من أركانها لا نزال نذكره إلى اليوم.
اغتيال غسان كنفاني كان جزءا من مخطط صهيوني واسع لاغتيال المثقفين والمؤثرين والمفكرين الفلسطينيين.
وهو مخطط استكمل باغتيال القادة الثلاثة: كمال ناصر وكمال عدوان وأبو يوسف النجار في منطقة فردان في بيروت.. وامتد لاحقا إلى ناجي العلي وغيره..
ووصل في يوم من الأيام إلى تدمير مركز الأبحاث ومراكز الدراسات في بيروت التي كانت هي أساسا أيضا مستهدفة من طبقة من المسؤولين في الثورة الفلسطينية.
هذه الطبقة التي تتميز بضحالتها الثقافية ومعاداتها للعلم والمعرفة.. وهي الطبقة التي تعادي القراءة والتحليل والتفكير.. وتؤمن بالانبطاح أمام الزعيم والتملق له.. وتستفيد من هباته.. وهي طبقة انهزمت أمام الاحتلال في عدة معارك.. سياسية وعسكرية.
تم اغتيال هؤلاء المؤثرين المفكرين ضمن مخطط لتدمير الوعي والانحراف بالثورة وأهدافها تدريجيًّا، لنصل إلى ما وصلنا إليه اليوم من اعتراف بالاحتلال وتنسيق أمني وتجريم للمقاومة واتهام المقاومين بالإرهاب.
بعد عمليات الاغتيال الممنهجة هذه صار المجال مفتوحا أمام الكتاب بالقطعة.. المرتزقة.. الذين يعيشون في بلاط السلطان.. على المنح والإعاشات.
فكثرت دكاكين الثقافة، وتعددت المنصات التي تطبل وتزمر للزعيم..
غابت فلسطين وصارت التسوية مقدسة.
غابت البندقية وصار التنسيق الأمني مقدسا.
غابت الثورة وصار الرئيس مقدسا.
غاب الوطن وصارت السلطة مقدسة.
غاب المناضل وصار العميل مقدسا.
في ذكرى اغتياله..
تحية لغسان كنفاني وللقادة الثلاثة ولناجي العلي ولأنيس صايغ ولإبراهيم المقادمة ولكل المثقفين الذين رفضوا التسوية وتمسكوا بفلسطين والمقاومة