تُجرى الترتيبات على قدم وساق داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بهدف احتواء الأوضاع الفلسطينية، والحيلولة دون تفجر انتفاضة شعبية في حال ضم أجزاء من الضفة الغربية رسميا، أو في حال شغور موقع رئيس السلطة. من هنا يمكن الافتراض أن تجول رئيس الأركان الإسرائيلي أفيف كوخافي في منطقة رام الله، ولقاءه المليونير الفلسطيني بشار المصري فوق أراضي الضفة الغربية، كما ذكر ذلك موقع وللا العربي، جاءا ضمن الترتيبات الإسرائيلية للساحة الفلسطينية، بل جاء اللقاء بهدف تحضير الأرض لكل تطور اقتصادي وأمني وحياتي وسياسي يُدرَس ويُدبَّر مع الإدارة الأمريكية للمرحلة القادمة.
زيارة أفيف كوخافي لمنطقة رام الله شأن خطير جداً، وفي تقديري هذه الزيارة أكثر خطورة من زيارة نداف أرغومان رئيس جهاز الشاباك الإسرائيلي للسيد محمود عباس قبل أشهر عدة، فزيارة رئيس الأركان جاءت لتعكس السيادة الإسرائيلية على الأرض فاقدة السيادة، وجاءت لتكشف عن حجمالتدخل الإسرائيلي في أدق شؤون حياة الفلسطينيين، وجاء تجوال رئيس الأركان في منطقة رام اللهليتكامل ميدانياً مع تصريحات جيسي غرينبلات عن أرض الضفة الغربية غير المحتلة، الأرض التي يتنازع عليها الفلسطينيون والإسرائيليون، ويتكامل نشاط رئيس الأركان مع تصريح السفير الأمريكي ديفيد فرديمان الذي أيد ضم أجزاء من الضفة الغربية لدولة الاحتلال الإسرائيلي، وتتكامل زيارة رئيس الأركان مع تصريح كوشنير، حين قال: إن الفلسطينيين غير قادرين على حكم أنفسهم، لذلك زوّد كوشنير أشرف الجعبري أحد أهم رموز ورشة البحرين بأدق التفاصيل، وأهم التقارير السرية عن فساد السلطة الفلسطينية، ليشكل الجعبري بملف الفساد مادة طعن قوية في ظهر قيادة السلطة في رام الله.
فأين هي القيادة الفلسطينية من كل هذا؟ وهذا الذي يجري خطير جداً، ويؤشر على أيام صعبة تنتظر القضية الفلسطينية، وهذه الأيام الصعبة لا يقوى على التصدي لها أي تنظيم بمفرده، ولا تقوى على مجابهتها أي شخصية فلسطينية، أيام صعبة تتشابك فيها خيوط المصالح الشخصية لبعض فئات المجتمع الفلسطيني مع الخيوط السياسية والتنظيمية لبعض الشخصيات السياسية، مع المصالح الإستراتيجية للاحتلال الإسرائيلي، وكل هذا يفر ض على الشعب الفلسطيني اليقظة والاحتماء بالوحدة الوطنية، ويفرض على صاحب القرار أن يلجأ إلى الشعب كي يفسد المؤامرة، فالشعب الفلسطيني دائماً هو مادة تفجير المخططات العدوانية.
فأين هي القيادة الفلسطينية صاحبة القرار في هذا الشأن؟ وأين هي التنظيمات الفلسطينية من هذه المؤامرة التي باتت مكشوفة؟ وأين المجلس المركزي والمجلس الوطني؟ وأين اللجنة التنفيذية؟ وأين اللجنة المركزية؟ وأين المجلس الثوري؟ بل أين المجلس التشريعي الذي حله السيد عباس؟ أيعقل أن يغفل كل هؤلاء عما يحاك ضد القضية الفلسطينية؟ ألم يدرك كل أولئك أن مواصلة التعاون الأمني هي الغيمة السوداء التي يستظل بها أشرف الجعبري ونداف أرغومان وبشار المصري وأفيف كوخافي وهم يحبكون المستقبل الزاهر للمستوطنين؟
فماذا تنتظرون؟ وإلى متى؟ وإذا كان كل هذا لا يقرع على مسامعكم الأجراس، فمتى ستقرع الأجراس؟