أسبوع واحد، لم يمر على انتهاء مؤتمر البحرين الاقتصادي التطبيعي، حتى خرج الرئيس السابق لبلدية الاحتلال بالقدس "نير بركات"، للحديث عن خطة اقتصادية تعتمد على إنشاء مناطق صناعية جديدة وتطوير مناطق قائمة لتحسين الاقتصاد في الضفة الغربية المحتلة.
هذا التزامن، ينظر إليه مراقبون اقتصاديون على أنه تكتيك مدروس تحاول خلاله سلطات الاحتلال اتباع الحلول الاقتصادية مع الفلسطينيين عوضًا عن السياسية مستخدمة "الترغيب والترهيب"، ومع ذلك يعول المراقبون على فشلتلك الخطوات الأحادية.
وخطة رئيس بلدية الاحتلال السابق التي عرضها على كبار المسؤولين الإسرائيليين والأميركيين تهدف إلى إنشاء ( 19) منطقة صناعية في المستوطنات المقامة على أراضي المواطنين في الضفة الغربية، وإلى تطوير وتوسيع ( 4) مناطق صناعية كبيرة في شمال الضفة الغربية ومنطقة معاليه أدوميم وترقوميا قرب الخليل، واقترح إقامتها جميعها على خط تماس واحد بما يتيح سهولة الوصول إليها نسبيًا للمواطنين الفلسطينيين وللمستوطنين على حد سواء.
ويقول الاختصاصي الاقتصادي د.نصر عبد الكريم، إن الاحتلال الإسرائيلي يتبع مع الفلسطينيين خطوات مدروسة في تقديم الحلول الاقتصادية عوضًا عن السياسية التي تتعثر في قضايا جوهرية، وأنه يتحين أي فرصة ليقدم أطروحاته التي تحصل على تأييد أمريكي.
وبين عبد الكريم لصحيفة " فلسطين"، أن الاحتلال يبدو أنه انتقل من فرض الإملاءات، إلىتقديم أطروحات مباشرة وعبر وسطاء لترغيب الفلسطينيين.
وأشار إلى أن الاحتلال يرنو من وراء التسهيلات الاقتصادية والبرامج التحسينية إلى الحصول علىتسوية سياسية منقوصة مع السلطة الفلسطينية تكون له اليد العليا.
ويعول عبد الكريم على فشل تلك الحلول حتى لو فرضت على الفلسطينيين لأن استدامتها مرهونة بتحسن الوضع السياسي والامني للفلسطينيين.
ومع ذلك يعتقد أن الأزمة المالية التي تواجهها السلطة الفلسطينية، قد تدفعها للقبول بأي عروض "لكن إن أصرت السلطة على موقفها، فإن الاحتلال مدرك أن ذلك يعني تأزم المستوى الأمني في مناطق الضفة".
وتتضمن الخطة الإسرائيلية إقامة حديقة صناعية شمال غور الأردن تضمن تشغيل ( 100 ألف) شخص، وإنشاء (3) مناطق صناعية قرب برطعة في محافظة جنين وبعض المستوطنات المحيطة بها بما يضمن تشغيل (168 ألف) شخص.
من جانبه، قال الاختصاصي الاقتصادي د.رائد حلس، إن ما عرضه جاريد كوشنر صهر الرئيس الأمريكي في مؤتمر البحرين أعطى الضوء الأخضر للاحتلال لتنفيذ مخططاته الرامية إلى الاستيلاء على الجزء الأكبر من أراضي الضفة الغربية وسرقة ثرواتها الطبيعية.
ورأى حلس خلال حديثه لصحيفة "فلسطين"، أن الرفض وحده لتلك الخطة الإسرائيلية لا يكفي، وأن المطلوب إجراءات عملية لمواجهتها ترتكز على دعم صمود الفلسطيني في أرضه بإقامة مشاريع زراعية وصناعية تستهدف أكبر قدر من الأيدي العاملة .
ويقترح إطلاق حملة لتوعية العمال الفلسطينيين بمقاطعة العمل في المستوطنات وفي المناطق الصناعية الموجودة فيها والاعتماد على سوق العمل المحلي.
ودعا إلى مشاركة الحكومة مؤسسات القطاع الخاص في إطلاق حزمة من المشروعات الاستراتيجية في كل القطاعات من أجل توفير فرص عمل للمواطنين وتعزيز صمودهم في أرضهم.
وتسيطر سلطات الاحتلال على المنطقة المسماة "ج" بالضفة الغربية والتي تشمل منطقة الاغوار والمناطق التي تقع خلف الجدار الفاصل والتي تبلغ مساحتهما حوالي ( 60% )من مساحة الضفة، إلى جانب السيطرة على أحواض المياه والاجراءات البيروقراطية والإدارية المعقدة التي يتم بها عرقلة عملية التبادل التجاري، وذلك بهدف الابقاء على تبعية الاقتصاد الفلسطيني للإسرائيلي من خلال استغلال بروتوكول باريس الاقتصادي والمبني على قاعدة الغلاف الجمركي الموحد.
ويرى الاقتصادي محسن أبو رمضان أن سلطات الاحتلال تحاول تعزيز سياسة التعاقد من الباطن ومنع أي ترتيبات لبلورة عمليات تنموية وانتاجية مستقلة بالضفة الغربية، كما تستغل الأيدي العاملة عبر تشغيلها بالمستوطنات بالضفة وكذلك داخل أراضي الـ48، بما يشكل خرقًا للقانون الدولي الانساني وتعزيزًا لعمليات السيطرة الاستعمارية والكولونيالية على حساب الارض والموارد الفلسطينية.
وأضاف أبو محسن في تصريح صحفي: "بالوقت الذي تتعرض به الضفة الغربية لآليات من السيطرة على الثروات الاقتصادية عبر تعزيز عمليات الاستلاب والتعبية وإعاقة نهوض اقتصاد فلسطيني مستقل نسبيًا أو يعتمد على ذاته وموارده المادية والبشرية، فإن قطاع غزة يتعرض هو الآخر إلى هجمة شرسة من خلال استمرار الحصار المديد مصحوبًا بثلاث عمليات عسكرية عدوانية واسعة تم خلالها تدمير البنية التحتية والمرافق الانتاجية الأمر الذي أدى إلى تعطل عمليات الانتاج والتنمية وتم تحويل القطاع إلى سوق استهلاكية للبضائع الاسرائيلية".