فلسطين أون لاين

تسلّط الضوء على العنصرية التي يقوم عليها

أزمة اليهود من أصول إثيوبية.. انعكاس "لتهالك" المجتمع الإسرائيلي

...
الناصرة-غزة/ نبيل سنونو:

تعكس تظاهرات الإسرائيليين من أصول إثيوبية المندلعة في الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1948 ضعف وتهالك المجتمع الإسرائيلي المركب على أسس عنصرية، بحسب مراقبين، في وقت اندلعت فيه تلك الاحتجاجات على مقتل يهودي من أصل إثيوبي على يد أحد أفراد شرطة الاحتلال.

وكان نحو 20 ألفا من اليهود الإثيوبيين نُقِلوا إلى فلسطين المحتلة سنة 1948 على متن رحلات جوية سرية في منتصف الثمانيات وأوائل التسعينات من القرن الماضي.

ويقول الخبير في شؤون الاحتلال الإسرائيلي د.صالح النعامي: إن تواصل المظاهرات التي ينظمها اليهود من أصول أثيوبية احتجاجا على الممارسات العنصرية ضدهم وتعطيلها الحياة في عدة مدن بفلسطين المحتلة سنة 1948 يدلل على هشاشة هذا المجتمع.

ويضيف النعامي في منشور عبر صفحته في موقع فيسبوك: عدم التردد في استخدام العنف في مواجهة تبعات الاستقطاب على خلفية عرقية ودينية وقطاعية يفضح زيف الرواية التي قام عليها هذا المشروع الصهيوني.

وكانت شرطة الاحتلال أعلنت إلقاءها القبض على 22 شخصا على الأقل من المحتجين.

من جهته يقول رئيس مركز الدراسات المعاصرة صالح لطفي: إن ما يدور بين اليهود من أصول إثيوبية ومؤسسة الاحتلال الرسمية يعود إلى مجموعة أسباب جذرية تتعلق بجدل العلاقة بينهما، مبينا أن هؤلاء اليهود الإثيوبيين ذوو بشرة سوداء إفريقية، بينما من يحكم (إسرائيل) هي الطبقة الاشكنازية ذات البشرة البيضاء.

ويوضح لطفي لصحيفة "فلسطين" أن المنظور العرقي والطبقي والعنصري قائم تجاه اليهود من أصل إثيوبي، الذين تنتهك مؤسسة الاحتلال الرسمية حقوقهم قياسا باليهود من أصول أخرى داخل المجتمع الإسرائيلي.

ويبين لطفي أن اليهود من أصول إثيوبية يعدون في قاع سلم التدرج من حيث الحقوق في المجتمع الإسرائيلي، ويُنظر إليهم باحتقار وازدراء على مدى السنوات، وهذه ليست الحادثة الأولى التي يُقتل فيها أحدهم على يد شرطي ذي بشرة بيضاء.

ويؤكد أن هذه القضية لا يتم تجاوزها إلا إذا وضعت المؤسسة الرسمية للاحتلال "حلا جذريا".

ووفقا للطفي، فإن هذه الأزمة تدل على ضعف المجتمع الإسرائيلي "المتهالك" والذي تأكله العنصرية من الداخل على المستوى الديني والعلماني والسلوكي.

"جمر تحت الرماد"

ويتفق الاختصاصي في الشأن الإسرائيلي نهاد أبو غوش مع القول: إن هذه الأزمة ليست عابرة، وإنما تنفجر مرة تلو الأخرى، لكن هذه المرة هي الأكبر والأوسع.

ويقول أبو غوش لصحيفة "فلسطين": إن هؤلاء اليهود من أصول إثيوبية الذين يعاملهم الكثير من مراكز القرار في (إسرائيل) بأشكال مختلفة من التمييز العنصري، أحضرتهم سلطات الاحتلال ليكونوا "وقودا" في الحروب التي تشنها الأخيرة.

ويضيف أن هؤلاء اليهود يخدمون في الوحدات القتالية التي يتعرض أفرادها للخطر أكثر من غيرهم، ويعملون في مهن توصف بأنها "دنيا"، ويمنعون من التواجد في بعض الأحياء والالتحاق ببعض المدارس بسبب احتجاج إسرائيليين ذوي بشرة بيضاء على تواجدهم.

ويشير أبو غوش إلى أن المجتمع الإسرائيلي عنصري، اعتاد على التمييز العنصري ضد الفلسطينيين ثم يمارس هذا التمييز على نفسه وعلى مختلف عيناته، فالغربيون يميزون ضد الشرقيين والعلمانيين ضد من يوصفون بـ"المتدينين".

ويتابع: المجتمع الإسرائيلي يتكون من مجموعات اثنية غير منصهرة في بعضها البعض، وحتى الآن اليهود الروس لم ينصهروا فيه، وهناك تمييز أيضًا في موضوع آخر وهو أن بعض المراجع اليهودية لا تعترف بيهودية ذوي الأصول الإثيوبية في المجتمع الإسرائيلي إلا إذا خضعوا لإجراءات صارمة.

لكن "أبو غوش" ينبه إلى أن المجتمع الإسرائيلي مجتمع على الفكر الصهيوني والعداء ضد الفلسطينيين.

ويرجح أن تبقى مشكلة اليهود من أصول إثيوبية "جمرا تحت الرماد"، مستبعدا أن تُعالج جذريا في ظل كون المجتمع الإسرائيلي المركب على أسس عنصرية.

وينبه أبو غوش إلى أن المجتمع الإسرائيلي جرى تجميعه لخدمة مشروع استعماري.

ويؤكد أن الأزمة القائمة حاليا تشير إلى نقاط ضعف في المجتمع الإسرائيلي الاحتلالي.