فلسطين أون لاين

عرس الشهيد المقدسي محمد عبيد؟!

أرادوا أن يوارى الثرى سرا، وضعوا الشروط التي تكبل جنازة الشهيد، الجماهير التي تملأ الشوارع لتزف الشهيد خطر على دولتهم، لا يريدون لجرائمهم أن تظهر للناس، يشترطون عدم حضور الإعلام، يريدون تمرير ما ترتكبه أيديهم من جرائم بشعة تمرير اللئام ويا دار ما دخلك شر .. هم يدركون حجم الجريمة التي ارتكبوها ويدركون أثرها في جماهيرنا على المدى القريب والبعيد لذلك يصرون على شروط الإذعان والاستسلام على أهل الشهيد، يعيدون بذلك تعريف الاشياء، على الناس نبذ من يقدم روحه شهيدا، من يواجه المحتل لا مكانة ولا حيّز له في فضائنا. هذا الاهتمام وهذه الحفاوة العظيمة والحضور الكبير حيث يتقاطر الناس من كل صوب وحدب ليقولوا كلمة الفصل: لا يوجد ما هو أشرف من الشهادة، لا يوجد ما هو أعلى وأجل من مواجهة ظلم المحتل، هذه هي القيمة الاعلى وستبقى كذلك في فلسطين الحرة الابية رغم ظلام الاحتلال الحالك.

وتأبى جماهيرنا الا أن تثبت عكس ما يريدون، بدل شرطهم لتشييع الجنازة بعدد لا يزيد عن خمسين يُضرب العدد بألف ويأتي خمسون الفا، بحصارهم لبلدة العيسوية من جهاتها الاربعة تؤم بيت العزاء الالاف المؤلفة لا تدري كيف وصلوا وأي الطرق سلكوا لأداء هذا الواجب المقدس، يصلون رغم أنوفهم ورغم القوات المدججة بالحقد والخيلاء وسوء العربدة، يعيد الشهيد للجماهير أرواحها فتشتعل غضبا على الاحتلال وتتعاظم قيم الحرية والشعور بالكرامة في صدورهم، وتزفر صدورهم باللعنات على هذا الذي يتغوّل في حياتهم ويرمي برصاصه الأسود شبابهم وأطفالهم ، تتعاظم الثورة في الصدور ويشتد عودها لتستعد للأيام القادمة في مواجهات ساخنة مع هذا العدو الذي لا حدود لعدوانه ولا نهاية لجرائمه إلا بزواله عن قدسنا وعن فلسطيننا.

الشعب الفلسطيني يصر دائما على ترتيب سلم قيمه من الأدنى للأعلى، ولا يسمح للاحتلال أن يعبث بها، القيمة الأعلى والتي لا يُعلى عليها هي الشهادة والشهداء، هذا الذي يحمل بين ضلوعه قضية الحق والعدل الاولى في العالم، القضية التي تداعى عليها كل عتاة الارض ومستكبروها، تداعى عليها شياطين الانس والجن ، شياطين ما تسمى القوى العظمى في العالم رغم لباسها لبوس التمدن والحضارة والديمقراطية وحقوق الانسان، هذا الانسان الذي يواجه جبابرة الارض بقضيته العادلة يقتله الظالم المستبد الذي حمل بين ضلوعه كل أشكال الشر والطغيان، فقيمة الشهادة عندنا هذه هي معادلتها، مواجهة سافرة بين الاستكبار العالمي الذي تشكل فيه رأس الحربة هذه الدولة المارقة وأهل الحق الذين يشقون طريقهم وسط هذه الادغال العاتية.

لن تموت أمة تعلو فيها قيمة الشهادة، لن تندثر ولن تتراجع ولن تحيد قيد أنملة عن حقها طالما أن الشهادة والشهداء نجوم تلمع في سمائها.