فلسطين أون لاين

​بعد مصادرة الاحتلال له منذ ثلاث سنوات

قارب الصياد "الهبيل" يعود إليه مشلول الحركة

...
تصوير / ياسر فتحي
غزة/ يحيى اليعقوبي:

على مدار ثلاث سنوات ماضية بقيت محركات قارب الصياد عبد المعطي الهبيل (61 عامًا) صامتة متوقفة بعد مصادرة الاحتلال قاربه عام 2016م، لكن لم تنقطع معها آمال الهبيل بالإفراج عن قاربه بواسطة مؤسسات حقوق الإنسان إلى أن استجاب الاحتلال لتلك الضغوط وأعاده، أمس، مشلول الحركة محملًا على شاحنة عبر معبر كرم أبو سالم وصولًا إلى ميناء غزة، المكان الذي كان ينطلق منه قبل المصادرة محملًا بآمال 24 عائلة كانت تعتاش منه.

قارب يبلغ طوله 17 مترًا ونصف، وعرضه خمسة أمتار يزن 50-60 طنًّا، أكله الصدأ، تكسوه طلقات رصاص وفتحات سفلية من كل جانب يظهر عليها آثار تكسير، معدات الغزل، وكوابل الجر، محملةً على الشاحنة.. هكذا أعاد الاحتلال القارب للصياد الغزي بل وحملته تكلفة نقله.

لكن ومع أن هذه القارب تنفس الحرية وتحرر من بين أنياب الاحتلال، إلا أنه يحتاج إلى تكلفة صيانة بمبالغ كبيرة يقدرها الهبيل بنحو 40-50 ألف دولار، مبلغ لن يستطيع توفيره إلا إن تدخلت جهات مختصة وساعدته في إعادة تأهيله لتعود الحياة إلى قاربه.

قبل أن تختفي الشمس خلف الأفق الساعة السابعة مساء أمس، وصل القارب إلى الميناء، مشهد لفت انتباه المارة طوال مسيره، كانت عائلة الصياد الهبيل ولفيف من الصيادين بانتظار القارب الذي حظي باستقبال اختلطت خلالها دموع الفرح.

حكاية المصادرة

بعد أن التقط الهبيل أنفاسه، بدأ يروي قصة هذا القارب لصحيفة "فلسطين" عائدًا بذاكرته إلى لحظة مصادرة القارب فيقول: إن "بحرية الاحتلال الإسرائيلي دهمت القارب في 8 سبتمبر/ أيلول عام 2016م، وهو يبحر على بعد ستة أميال قبالة شاطئ دير البلح بمحافظة الوسطى في المساحة المسموح لهم بالصيد فيها".

كانت علامات التعب والإرهاق بادية على الهبيل، مضيفًا: "قامت بحرية الاحتلال بإطلاق الرصاص المعدني على أبنائي والصيادين الذين يعملون على متن القارب واعتقلتهم جميعهم، قبل الإفراج عنهم في اليوم التالي بعد التحقيق معهم في ميناء أسدود، ولكنها أبقت على القارب منذ تلك المدة محتجزًا".

لم ييأس الهبيل ولم يفقد الأمل، فتوجه إلى مركز الميزان لحقوق الإنسان ومن هنا بدأت بدورها بتوكيل فريق دفاع للمطالبة بإعادة القارب، ومنذ تلك المدة أصبح صاحب القارب عاملًا هو وأبناؤه عند الصيادين الآخرين بأجرة زهيدة.

يشير الصياد الغزي بيده إلى الكسور والفتحات التي أحدثها الاحتلال بقاربه، وإلى أماكن الرصاص في مقدمته، قائلًا بصوت ممزوج بالحسرة على واقع الحال: "انظر، جميع معدات القارب متعطلة، والاحتلال أعاد لي القارب باليًا يحتاج إلى مبلغ كبير لصيانته يقدر بنحو 50 ألف دولار، فالماكينات لا تعمل وجميع أدواته في القسم العلوي تالفة نتيجة الاعتداء عليه".

الإغراق الأول

يمعن الهبيل النظر بقاربه وكأنه يتمنى أن ينزله إلى الميناء وينطلق في أول رحلة صياد بعد تحرره متهكمًا عن سبب الإفراج عنه: "الاحتلال ادعى أنه سيفرج عنه كحالة إنسانية؛ لكن السبب هو تدخل المؤسسة الحقوقية (...) وحملني تكاليف نقله التي لا أملك دفع ثمنها"، معتبرًا ما حدث لقاربه يأتي في إطار حرب اقتصادية يشنها الاحتلال على الصيادين بهدف إخراجهم من البحر.

لم يكن هذا الاعتداء الأول من الاحتلال على قارب الهبيل، فعام 2015م قام بإغراقه على بعد ثلاثة أميال بحرية، وقال: "غرق قاربي هذا على عمق 30 مترًا بعد الاعتداء عليه من زوارق الاحتلال البحرية، وقمت بإخراجه وسحبه بمساعدة الصيادين بعد قيام غطاسين بربطه وجره للشاطئ وقد بلغت تكلفت صيانته 24 ألف دولار، وبعد عدة شهور صادره الاحتلال".

لم تسع الفرحة وجنتي زوجته أم رامي الهبيل (57 عامًا) التي ظلت عدة ساعات مع نساء العائلة بانتظار القارب، فخرجت تلك الفرحة من بين ثنايا صوتها في حديثها مع مراسل "فلسطين" قائلة: "شعرنا بفرحة كبيرة وكأنه أسير تحرر من قيود الاحتلال، فالمال معادل الروح (...) كان قاربنا يعيل عشرات العائلات وكنا ننتظره ليلًا ونهارًا لأنه مصدر دخلنا الوحيد، ورغم أنها فرحة منقوصة إلا أننا سعداء بعودته بعد المصادرة".