فلسطين أون لاين

​الشق السياسي لـ"صفقة القرن".. آمال كوشنر تتهاوى

...
صورة أرشيفية
عمان-غزة/ نبيل سنونو:

"احملوا أسماءكم وانصرفوا، واسحبوا ساعاتكم من وقتنا، وانصرفوا"؛ ربما لو كان الشاعر محمود درويش قائل هذه الكلمات حيًّا؛ لقال لمن اجتمعوا في مؤتمر البحرين: "خذوا ملياراتكم وانصرفوا".

وبعدما بدا مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جاريد كوشنر للمراقبين مُحبَطًا من الرفض الواسع لمؤتمره، الذي يوصف بأنه الشق الاقتصادي من "صفقة القرن"، الرامية لإنهاء القضية الفلسطينية؛ إنهم يؤكدون أن الفشل ينتظر الشق السياسي غير المعلن من الصفقة، وإنْ كانت إدارة ترامب اتخذت خطوات على الأرض يُفهم أنها تطبيق لبنودها.

ومن هذه البنود: اعتراف ترامب بالقدس المحتلة "عاصمة" للكيان الإسرائيلي، وقطع المساهمة الأمريكية في ميزانية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في مسعى لإنهاء عملها، والاعتراف بما سميت "السيادة الإسرائيلية" على مرتفعات الجولان السوري المحتل.

ويقول أستاذ العلوم السياسية د.سعيد زيداني: "إنه يتضح من خطاب كوشنر، صهر ترامب ومهندس "صفقة القرن"، أنه لا حل سياسيًّا يطرحه يفي بالحد الأدنى من حقوق الفلسطينيين؛ فهو روج لما وصفه بحل يتوسط بين موقف الاحتلال الإسرائيلي وما تعرف بـ"مبادرة السلام العربية" التي تمنح الأخير اعترافًا عربيًّا رسميًّا مقابل انسحابه حتى حدود الرابع من حزيران (يونيو) 1967م".

لكن حتى هذه المبادرة التي أقرتها قمة بيروت في 2002م سحقها كوشنر تطبيقًا لموقف الاحتلال منها، ونتيجة حتمية سحق أيضًا اتفاق "أوسلو" الذي كانت السلطة في رام الله تعول عليه وتبني سياساتها وفقه.

ويضيف زيداني لصحيفة "فلسطين": "إنه لا مجال لأن يتفاءل كوشنر بنجاح الشق السياسي من "صفقة القرن"؛ لأن أي فلسطيني وطني لا يقبل هذه الصفقة".

ويوضح أن الخطوات الأمريكية المذكورة، ومحاولة إعادة تعريف اللاجئين الفلسطينيين لاختزال عددهم إلى عشرات الآلاف بدلًا من كونهم بالملايين، وتصريحات سفير واشنطن لدى الاحتلال ديفيد فريدمان أن الكتل الاستيطانية ستبقى تحت ما يسميها "السيادة الإسرائيلية"، تمثل الملامح العامة للخطة السياسية الأمريكية التي ستكون دون الحد الأدنى من التوقعات الفلسطينية.

"وبهذا المعنى لا أمل في نجاح "صفقة القرن"؛ ما دام لا يوجد شريك فلسطيني يقبلها"؛ والكلام لا يزال لزيداني.

وصحيح أن "صفقة القرن" تتيح للاحتلال اتخاذ إجراءات أحادية الجانب، سواء وافق الفلسطينيون أم لا، لكن هذا لا يعني –وفق تأكيد زيداني- أن الفلسطينيين قد استسلموا.

ويتابع: "نعرف صعوبة الوضع الفلسطيني، لكن ليس هناك مجال لاستسلام الفلسطينيين، فهم سيستمرون في رصد إجراءات الاحتلال وعدم الاعتراف بها ودعوة العرب لرفضها".

وكان كوشنر صرح خلال المؤتمر أنه سيطرح ما وصفه بـ"خطة سياسية" عندما يكون الوقت مناسبًا، ويتعامل كوشنر وترامب مع الصراع وكأنه صفقة تجارية، متجاهلين حق الشعب الفلسطيني في الحرية، وإنهاء الاحتلال، وعودة اللاجئين، وإقامة دولتهم الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس.

ويتوقع مراقبون أن تقضي الخطة بضم الاحتلال المستوطنات ووصلها معًا، وترك مساحة تقل قليلًا عن النصف للسلطة "في ظل شكل من أشكال الحكم الذاتي"، وحصول الأخيرة على أحياء على مشارف القدس مثل أبو ديس وبيت حنينا وسلوان.

"إحباط وغباء"

من جهته يقول المدير العام لمركز "باحث" للدراسات الإستراتيجية وليد علي: "من سمع تصريحات كوشنر يدرك أنه يشعر بإحباط، وأنه يعاني "غباء شديدًا"؛ فهو لا يملك أي مؤهلات سوى أنه زوج إيفانكا، ابنة ترامب".

ويضيف علي لصحيفة "فلسطين": "إن موقف الشعوب العربية من "صفقة القرن" كان رسالة واضحة لمن شارك في "مؤتمر البحرين" بأن مشاركتهم لا تمثل إرادة الجماهير".

وينبه إلى متطلبات لإفشال "صفقة القرن" ووجوب عدم الاكتفاء بـ"الشعارات"، موضحًا أن هذا يضع القوى الحية في الأمة العربية والإسلامية أمام مسؤولية كبيرة، وهي أن تكون بمستوى هذا الموقف الشعبي الرافض "للمؤامرة" الأمريكية الإسرائيلية، وأن تعرف كيف توحد طاقاتها وجهودها.

ويلفت إلى أن الشعوب أكدت أنها مستعدة للتضحية، كما الشعب الفلسطيني الذي يضحي منذ نحو قرن، وأن مسيرات العودة وكسر الحصار السلمية التي انطلقت في 30 آذار (مارس) 2018م أكدت استعداد الشعب لمزيد من التضحية.

ويشير علي إلى أن الوقائع أثبتت أنه لا خيار أمام الفلسطينيين إلا المقاومة، لافتًا إلى ضرورة حشد حركات شعبية تحيط بقوى المقاومة وتساندها.

ويتمم علي: "في أمتنا الكثير من منابع الخير، وشعبنا الفلسطيني كما أمتنا مستعد لخدمة قضيته".

ويبرز كوشنر على رأس فريق "صفقة القرن" إلى جانب المبعوث الأمريكي لعملية التسوية في الشرق الأوسط جيسون غرينبلات، وهو يهودي أرثوذكسي عمل محاميًا في مجال العقارات، وكان مقربًا لترامب منذ عقود.