السعادة الحقيقية تتحقق للإنسان عندما يحقق الرضا الذاتي مع نفسه، ويؤمن إيمانًا سليمًا لا يتسلل إليه الشك بأن كل ما هو موجود هو مُقدر من الله (تعالى)، ليرى نفسه بقلب مليء بالرضا والقناعة، وتتحقق لديه السعادة الروحية التي بفضلها تسيطر عليه الأفكار الإيجابية التي تدفعه إلى النجاح الذاتي والعلمي والعملي والأسري والمجتمعي.
ينبغي أن تكون حياته قائمة على حب الله ورسوله، ومشاعره مستمدة من ذلك الحب، ليكون سلوكًا ومعاملات قائمة على أساس أخلاقي متين، فلا ينظر إلى ما عند غيره ولا ينكر ذاته ويهدرها أو يضرها، لا يسمح لنفسه أن يكون عاقًّا أو فوضويًّا أو متكاسلًا، ويتسم دومًا بصفات الخير من جد واجتهاد ونفس تواقة للخير والنجاح والعلا، وتكون معاملاته قائمة على الصفح والتسامح والتكافل والتعاون والمحبة، وتخلو من البذاءة في القول والفعل والظلم والغش وغيرها.
هذا الإيمان الروحي الذي يولد تلك النفس المطمئنة المتوافقة العاملة المجتهدة الراضية يجعلها دومًا في عداد السعداء، وتعيش بجنة الدنيا.
أما التعاسة والقلق والتوتر الزائد الناجم عن الخوف والأفكار السلبية فتجعل الشخص في صراع مع نفسه، ويراها والمجتمع من منظور متعب يملؤه الخوف وعدم الرضا والتوقع السلبي، فيكون دومًا في كآبة ومشقة وتعاسة وخوف زائد من المستقبل، حتى سلوكه ومعاملاته ودوره الحياتي تتأثر وتؤثر سلبًا على الآخرين.
ولذلك لابد أن نوظف ذلك القلق وذلك التوتر الناجمين عن ضغوط الحياة ومشاكل البشر وكأنها رسائل روحية ومضادات حيوية تدفع الفرد إلى حماية نفسه بشكل معتدل، ونوظف ذلك الإيمان المسيطر على العقل ليدفع الجسد نحو الاستقرار والرضا والحمد والتقبل والحرص المقبول دون نزع للسعادة أو نشرٍ للفزع.
ولذلك لابد من تقدير ذواتنا ورؤيتها من منظور الخير والحب والأثر الطيب وعدم إهدار حقها في السعادة، والعمل على الارتقاء بها والنجاح الدائم بكل أدوارها، وأن تكون صاحبة أثر طيب، وإن غابت، ولنعش حياتنا بواقعية دون أحلام مفرطة أو مثاليات صعبة المنال، وليكن شعارنا الدائم: كن جميلًا تر الوجود جميلًا.