فلسطين أون لاين

​بين التربية بالتخويف والقائمة على الاحترام شعرة فاصلة.. فما هي؟

...
هناك فرق كبير بين التربية على الاحترام والتربية بالتخويف
غزة/ هدى الدلو:

في الحقيقة علينا التمييز بين التنشئة على الخوف وعملية التهذيب لسلوك الطفل وإكسابه معاني الاحترام، فهناك خلط بينهما، فكثير من الأهالي يستخدم أسلوب الخوف من أجل غرس قيم الاحترام في نفوس أطفاله، دون معرفة الشعرة الفاصلة بينهما، فبعض الآباء يربون أبناءهم على الخوف، وآخرون على الاحترام، فالأب المتسلط والعصبي يبني طفلًا عنده نسبة الخوف عالية، فيصلي ويدرس ويقوم بالعديد من المهام من باب الخوف، فهذه التربية لا تربي طفلًا صحيحًا، لكن التربية على الاحترام تقوم على التفاهم والإقناع.

الاختصاصي التربوي علي قطناني يقول: "إن هناك فرقًا كبيرًا بين التربية على الاحترام والتربية بالتخويف، هذا لأن أساس الأمر هو سلوك الوالدين تجاه أبنائهما، ولأن من المسلم به أن الأبناء يحاكون سلوكيات آبائهم، خاصة في مرحلة الطفولة، إذ لا قدرة للطفل على تقدير أسلوب والديه، أو الاختيار أيهما يصلح أو لا يصلح".

وأوضح أن من المقطوع به أن تربية الأبناء على الاحترام لا تكون إلا باحترامهم وتقديرهم، فحين ينظر الأب إلى أبنائه على أنهم أسياد وأصحاب قيمة، فإن السلوك الواجب على الوالد هو السعي في تحقيق نظرته إليهم، وأن أي مخالفة ستكون نتيجتها عكسية.

وأشار قطناني إلى أن التربية بالتخويف هي محاولة لبسط سيطرة الوالد على الأبناء، وهذا شيء يضعفه، فلا تكون لديه قدرة على ضبط انفعالاته، وتقل الخيارات التربوية لديه، وهذه الحالة تنتج لنا إما أبناء ضعفاء خانعين، لا رأي لهم ولا قيمة، أو أبناء معاندين رافضين هذا التخويف، أما النتيجة الثانية فأفضل من الأولى، خاصة إذا لاقت محضنًا يحتويها ويوجه تصرفاتها توجيهًا سليمًا.

ونبَّه إلى أن هذه التربية تفقد الأسرة الأمان والاستقرار، وتكثر فيها الإشكالات وتتراجع العلاقات المفترضة بين الوالدين والمعاني الأخوية بين الأبناء، ويكثر تعب الوالدين إذ لا يقبلان تبعية الضعيف من أبنائهم، ولا رفض المعاند منهم.

وأضاف قطناني: "ينبغي أن تقوم التربية على الاحترام وبناء العلاقات على أساس التفاهم والحوار داخل الأسرة، وتأسيس الأبناء على تقدير ذواتهم، ليصبح هذا التقدير أساسًا في تعاملاتهم خارج الأسرة".

وبين أن ذلك يرفع مستوى اهتماماتهم واجتهادهم في تحقيق إنجازات، ويخدم أهدافهم، ويجعلهم يتجاوزون الصداقات السيئة والأعمال الشائنة، ويبنون مستقبلًا خاصًّا بهم بعيدًا عن تقليد غيرهم، ومن وجهة نظر الوالدين إن أفضل ما يمكن أن يحصلا عليه هو احترام أبنائهم لهم، وبرهم بهم في كل آن وحين.

ولفت قطناني إلى أن هذا عكس من يربون أبناءهم بالتخويف، فإن أتت اللحظة التي يتمكنون فيها من الإفلات من سيطرة والديهم فإنهم لن ينظرون خلفهم، ولن يعيروا برهم أو احترامهم لوالديهم أي اهتمام، ونقيض التربية بالتخويف التربية على الجسارة والشجاعة، بمدح الآباء أبناءهم بصفات فيهم، وصفات يودون أن يكونوا عليها، وعدم الخجل من أخطائهم أمام الناس، واستغلال هذه الأخطاء في توجيههم إلى الصواب، والابتعاد عن لومهم ومقارنتهم بغيرهم وتهديدهم.

أيضًا يحتاج الآباء إلى الالتفات إلى أنفسهم، وضبط قوانينهم الخاصة تجاه سلوكياتهم، ثم تركيز انتباههم على أبنائهم على نحو يخدم أهدافهم ورؤيتهم لهم.