انتهت ورشة البحرين التي أريد لها أن تكون حفل إشهار ما يسمى بصفقة القرن في شقها الاقتصادي وفرضها كأمر واقع على المنطقة والشعب الفلسطيني على وجه الخصوص .
يتصرف ترامب منذ دخوله للبيت الأبيض وفق منهج فرعون ( ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد ) معتمدا على قدرة بلاده في القهر والإجبار ظانا أن لا احد يمكنه الوقوف في وجه إرادة القوة العظمى الأولى في العالم.
لا أحد ينكر قوة الولايات المتحدة على المستوى العسكري أو قدرتها في التأثير والهيمنة ، ولكن التعامل وكأن هذه القوة هي قدر وأن المعارضة لها لن تتجاوز المعارضة الكلامية وتفتقر إلى التأثير هو ضرب من الوهم.
إذا ما كان ترامب لديه قدرة في صياغة وإبرام الصفقات التجارية, فلقد ثبت أنه لا يفقه شيئا في علم الاجتماع وقواعد التاريخ وعلم الشعوب .
يذكرني هذا الترامب بالفيلم المصري الجميل ( شيء من الخوف ) والذي يروي سيرة عتريس طاغية قرية ريفية بسيطة ساهمت طيبة أهلها في تحويله من شاب بسيط إلى زعيم عصابة من القتلة يفتئتون على أهل القرية بالاتاوات والإرهاب وأي معارض له مصيره القتل.
فؤادة فتاة صغيرة تملكتها الجرأة ورفضت الزواج به رغم إذعان والديها خوفا ، ولم يتوقع أحد استمرار رفضها حتى مأذون القرية الذي صاغ العقد متوقعا قبولها اللاحق خوفا من سطوة الطاغية ، إلا أن ثباتها على الرفض شكل مفاجأة للجميع وشجع شيخ القرية على إعلان بطلان الزواج ، ورغم قتل ولده أمامه إلا أنه استمر في موقفه.
المشهد الختامي كانت جماهير القرية تحمل جثمان نجل عالم الدين وتهتف كلمة واحدة هي ( باطل ) فيسقط الطاغية في اللحظة التي ظن أن طغيانه لا حدود له وتخلى عنه أقرب المقربين منه.
باطل ، هي الكلمة التي يرددها شعب فلسطين اليوم والتي من خلالها استطاع إفشال مؤامرة الطاغية التي أراد إعلانها على يد مأذون عربي في البحرين فقال الشعب الفلسطيني إن الولي العربي لا يملك شرعية العقد الباطل ، لأن فلسطين وأهلها على ضعفهم مصرون على رفض الطغيان ورفض المهر الأمريكي المدفوع عربيا لبيع القدس وفلسطين.
فلسطين ليست للبيع، فلسطين ليست سلعة ولا رقيقا يملكه العرب أو يعرضونه في سوق النخاسة، فلسطين قالت الـ" لا" الخاصة بها فكانت أقوى من جبروت ترامب ومن صفاقة ورعونة غرينبلات وخنوثة كوشنير.