عدّت شخصيات فلسطينية، "ورشة البحرين" التي ستنطلق اليوم وغدًا في المنامة، مظلةً للتطبيع العربي الرسمي مع الاحتلال الإسرائيلي، وشرعنة تصفية حق العودة وتهويد القدس والضفة الغربية المحتلتين، ومصادرة الجولان السوري المحتل، مؤكدةً أن الموقف الفلسطيني والوعي الشعبي الرافض لـ"صفقة القرن" سيفشلها والورشة.
وقال القيادي في حركة حماس د. سامي أبو زهري، في تغريدة له عبر "تويتر" أمس: إن "ورشة البحرين" لن تفلح في تحقيق أهدافها، وإن المستقبل سيكشف أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وفريقه هم مجموعة من المراهقين سياسيا.
وأكد ممثل حركة حماس في لبنان أحمد عبد الهادي، أن الموقف الفلسطيني الموحد الرافض لـ"صفقة القرن" و"ورشة البحرين" هو حجر الأساس لإفشالهما، داعيًا لتحويل هذا الموقف الإعلامي والسياسي إلى مشروع وطني جامع تتوحد فيه كل مقدرات ومقومات الشعب للخروج باستراتيجية وطنية أساسها المقاومة المسلحة، ومسيرات العودة وكسر الحصار، وكل أشكال النضال لمواجهة المشاريع التصفوية.
وشدد عبد الهادي في حوارٍ مع "المركز الفلسطيني للإعلام"، على ضرورة التمسك بالموقف الموحد الرافض لـ"صفقة القرن" كمشروع تصفوي للقضية، داعيًا إلى دعم هذا الموقف بتحرك عربي وإسلامي يتعدى الموقف الكلامي، بحشد الجهود على مستويات مختلفة في الدول العربية والإسلامية.
وطالب الشعبَ الفلسطيني في شتى أماكن تواجده، إلى المزيد من الفعاليات والاحتجاجات المناهضة لـ"صفقة القرن" و"ورشة البحرين"؛ للتعبير عن الرفض القاطع لهما.
وأعرب عن أسفه من تماهي مجموعة من الدول العربية مع "الصفقة المشؤومة"، بحيث توفر لها البيئة المناسبة والمناخ الملائم في المنطقة لتنفيذها، وتطبيع العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي وجعله عضوًا طبيعيًّا في المنطقة، على الرغم من أنه غدة سرطانية في جسم الأمة العربية والإسلامية.
ويعتقد عبد الهادي أن مشروع الصفقة لن يكتب له النجاح، لعدة عوامل أهمها الموقف الفلسطيني الموحد الرافض لها، والمطالب بالتمسك بثوابت الشعب الفلسطيني، مؤكدا أن رفض الشعب بالإجماع لهذه الصفقة هو حجر الأساس للمشروع المناهض لها.
تصفية القضية اقتصاديًّا
واعتبر عبد الهادي "ورشة البحرين" المدخل لتصفية القضية الفلسطينية اقتصاديًّا، حيث إن المطروح هو "الاقتصاد والازدهار والرفاهية مقابل السلام، لا أرض ولا حقوق أبدًا"، مشيرا إلى أنهم يسعون من خلالها رشوة الشعب الفلسطيني للتخلي عن حقوقه وثوابته وأرضه "وهذا أمر مستحيل غير معهود على شعبنا".
وأضاف أن "ورشة البحرين" سيكتب لها الفشل كأحد إسقاطات "صفقة القرن" من منظور اقتصادي، عادًّا مشاركة بعض الدول العربية فيها "خيانة للشعب ولدماء الشهداء ولتضحيات الشهداء والأسرى وكل مقاوم دافع عن الحق الفلسطيني".
وقال مسؤول العلاقات الدولية بحركة حماس علي بركة: إن "ورشة البحرين" أحدثت شرخا في الأمة، وأظهرت من هو مع فلسطين ومن هو ضدها، معتبرًا المشارك فيها "منحازًا للاحتلال والإدارة الأمريكية، وفي خندق خصوم الشعب الفلسطيني".
وأضاف بركة في تصريحات "للمركز الفلسطيني للإعلام": "نحن لا نعول على هذا المؤتمر الذي كشف المستور وأظهر الإدارة الأمريكية وبعض الدول العربية بأنهم يعملون من أجل تصفية القضية الفلسطينية وتوفير الأمن للاحتلال".
وعدّ "ورشة البحرين" مؤتمرًا خيانيًا مرفوضًا، وأن الشعب الفلسطيني لم يفوض أحدًا ليمثله، مؤكدًا أن الفلسطينيين سيرفضون هذا المؤتمر وسيواصلون طريقهم نحو الجهاد والمقاومة لتحرير فلسطين والعودة والاستقلال.
وبشأن مشاركة بعض الدول العربية وعلى رأسها الأردن ومصر في "ورشة البحرين"، يعتقد بركة أنه بسبب الضغط الأمريكي وبسبب المغريات المالية الضخمة التي قدمت لهم، مجددا رفض حركته للورشة ومخرجاتها واستعدادها لمواجهتها من خلال العمل على وحدة الصف الفلسطيني مع كل الفصائل الفلسطينية.
جريمة القرن
ووصف عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي، يوسف الحساينة الصفقة بـ"جريمة القرن الخطيرة"؛ كونها تهديدا وجوديا للشعب الفلسطيني والأمة العربية، ويُراد منها إخضاع كل المنطقة سياسيا وأمنيا وثقافيا لمنظمة جديدة يتولى الاحتلال فيها الصدارة والمركزية.
وأكد الحساينة في تصريح لـ"إذاعة القدس"، وجود مخاطر جدية حقيقية على القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، مبينا أن الإدارة الأمريكية المتصهينة تسعى لتطبيق صفقة "جريمة القرن" لتصفية القضية، وفرض الحل الاقتصادي على شعبنا.
وأوضح أن الصفقة تسعى لإعادة إنتاج السيطرة وتثبيت الاحتلال (إسرائيل) كيكان محتل للمنطقة، وإذا ما نجحت فكيان الاحتلال سيذهب لضم الكتل الاستيطانية بالضفة الغربية المحتلة، وبالتالي لن تصبح الضفة وحدة جغرافية متماسكة إذا ما تم ضم الكتل الاستيطانية.
وشدد على أن المطلوب إعادة الاعتبار لخيار المقاومة لمواجهة هذا المخطط، والتمسك بالوفاق الوطني الفلسطيني الذي يعتبر فلسطين من بحرها لنهرها، داعيا السلطة لمغادرة نهج أوسلو الذي وصل لطريق مسدود، والذي تعتبر "صفقة القرن" جنينًا مشوهًا ناتجة عنه.
وقال المتحدث باسم حركة الأحرار ياسر خلف: "إن ورشة المنامة فاشلة قبل عقدها لغياب الطرف الفلسطيني، ومخرجاتها لن تساوي الحبر الذي ستكتب به، وشعبنا لم يخول أحدا للحديث باسمه أو التفاوض نيابة عنه".
وأكد خلف خلال لقاء على فضائية الأقصى أمس، أن المطلوب جبهة وطنية لرسم خارطة طريق وإستراتيجية فلسطينية موحدة يتفق عليها الجميع لمواجهة هذه الصفقة، ضمن برنامج وخطط وفعاليات متنوعة ومستمرة؛ لإرباك حسابات المتآمرين وللتأكيد على أن شعبنا سيبقى موحدا في مواجهة كل الصفقات والمؤامرات المشبوهة على طريق إسقاطها.
ودعا السلطة "إن كانت جادة في مواجهة صفقة القرن" إلى التحلل من اتفاقية أوسلو وسحب الاعتراف بالاحتلال، ووقف أي لقاءات معه، ووقف التنسيق الأمني، وتعزيز صمود شعبنا من خلال رفع الإجراءات الانتقامية عن غزة، وإطلاق يد المقاومة في الضفة الغربية، وترك العنان لجماهير شعبنا للتعبير عن رفضهم وغضبهم من "ورشة البحرين" والصفقة؛ انسجاما مع موقفها الإعلامي الرافض لها.
كما دعا الدول التي وافقت على المشاركة في "ورشة البحرين" للتراجع، وعدم تسجيل نفسها في الصفحات السوداء في تاريخ من تآمر على شعبنا وقضيتنا.
الشعب والمقاومة
وأكدت كتائب المقاومة الوطنية الجناح العسكري للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، أن خيار الانتفاضة والمقاومة بكل أشكالها بما فيها المسلحة، هو السبيل الوحيد والقادر على إفشال المشاريع التي تستهدف القضية الفلسطينية، وفي مقدمتها "صفقة ترامب" و"ورشة البحرين".
وشددت الكتائب في بيان لها أمس، على أن شعبنا ومقاومته موحدون في رفض "ورشة البحرين" التطبيعية وصفقة ترامب، وفي ميدان المواجهة ضد الاحتلال، مؤكدةً أنها لن تصمت على العدوان "الصهيوأمريكي" المتواصل على الشعب الفلسطيني في الضفة والقدس وقطاع غزة.
وأضافت أنه "لا يحق لأحد التحدث باسم الشعب الفلسطيني الذي لا يقبل بيع قضيته بالأموال أو المساومة على أي شبر من أرضه، وأن أي تنازل يعد طعنة في خاصرة الشعب، وخيانة لدماء شهدائه وجرحاه وعذابات أسراه".
وقالت الجبهة العربية الفلسطينية: إن "ورشة البحرين" الاقتصادية مصيرها الفشل، مؤكدة أن شعبنا سيسقط "مؤامرة القرن" الأمريكية كما أسقط كل المؤامرات التي حيكت ضده على مدى العقود الماضية، بصموده الأسطوري وتجذره في أرضه وتمسكه بحقوقه الثابتة والمشروعة.
وأضافت الجبهة في تصريح صحفي أمس، أن "ورشة البحرين" تكشف حالة التردي العربي وانصياع الأنظمة العربية للإرادة الأمريكية، مؤكدة أن شعبنا بكل أطيافه السياسية اتخذ قراره الواضح بإفشال "صفقة القرن" والتصدي لها مهما كلفه الأمر من تضحيات.
وتابعت أن المراهنين على الإدارة الأمريكية وصفقتها لا يقرؤون التاريخ، فشعبنا استطاع خلال العقود الماضية أن يثبت ويصمد في خندق الدفاع الأول من المعركة المركزية للأمة العربية في وجه المشروع الصهيوإمبريالي، بالرغم من الاختلال الكبير في موازين القوة لمصلحة الاحتلال ووقوف قوى الشر بأكملها خلفه.
ولفتت إلى أن الأمة العربية مطالبة اليوم بالوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني وإعلاء صوتها رفضًا لـ"صفقة العار" والمؤامرة الأمريكية التي لا تستهدف فلسطين فحسب بل كل المقدرات العربية، مضيفة أن انتصار شعبنا في فلسطين هو انتصار للأمة، وأن خذلانه طعنة في الظهر ستدفع الأمة ثمنها.