أظهرت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، انحيازها الواضح والصريح لسلطات الاحتلال الإسرائيلي من خلال اعترافها بالقدس "عاصمةً" مزعومة له، ونقل سفارة بلاده إليها، ومحاولة تجفيف موارد وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، واستمرار الاستيطان وترسيخه؛ كمقدمة لـ"صفقة القرن" التصفوية للقضية الفلسطينية.
ورغم أن "صفقة القرن" لم تعلن حتى الآن بشكل رسمي، إلا أن بعض تفاصيلها تسربت خلال الشهور الماضية عبر وسائل إعلام عربية وغربية، وعلى لسان أكثر من مسؤول، بأنها لن تسمح بإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967، أي أن "حل الدولتين" أصبح غير قابل للتطبيق.
انحياز أمريكي
وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية بنابلس، عبد الستار قاسم: إن "صفقة القرن" تؤكد الانحياز الأمريكي الواضح للاحتلال.
ورأى قاسم في حديث لصحيفة "فلسطين"، أن الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب، تتيح لسلطات الاحتلال مواصلة بنائها الاستيطاني وسلب مزيد من الأراضي الفلسطينية، وأنها لن تسمح بإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967.
وأضاف أن الصفقة لم تكتمل بعد، لذلك لم يتم الإعلان عنها حتى اللحظة، لافتًا إلى أن التسريبات والتصريحات الأمريكية تشير إلى خطورتها على الأراضي الفلسطينية، مدللًا على ذلك بإرهاصاتها كإعلان القدس عاصمة للاحتلال، ونقل السفارة الأمريكية إليها، وقطع الأموال عن السلطة ووقف دعم "الأونروا"، وإغلاق مقر منظمة التحرير في واشنطن.
ولفت إلى أن ما يقوم به ترامب من أعمال تؤكد انحيازه الواضح للاحتلال ومعاداة الشعب الفلسطيني، "فهو يعتبر كل فلسطين أرضًا محررة وأن للاحتلال الحق في الاستيلاء عليها"، متوقعًا أن يمول ترامب في حال استمر بالحكم المستوطنين والمستوطنات ويزيد تغولهم على الأراضي الفلسطينية.
ووفقًا لقاسم، فإن سلطات الاحتلال لا تفكر في الخروج من الأراضي التي احتلتها عام 1967، ولا تريد دولة فلسطينية في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، أو أن يكون هناك ترابط جغرافي بينهما، لذلك سنت مجموعة من القوانين كـ"قانون تبييض الأراضي والمستوطنات" الذي يشرعن احتلال أي أرض فلسطينية، و"قانون القومية" الذي يعتبر كل فلسطين أرضًا لما تسمى (إسرائيل).
ولذلك يسعى الاحتلال، وفق أستاذ العلوم السياسية، إلى ربط القدس المحتلة بمستوطنة "معاليه أدوميم" المقامة على أراضي قرى شرق القدس، ليشطر الضفة الغربية شمالًا وجنوبًا في المشروع الاستيطاني المعروف بـ(E1).
ودعا لوضع خطة عربية فلسطينية لمواجهة "صفقة ترامب"، وتحقيق الوحدة الوطنية، وقطع العلاقة بالإدارة الأمريكية وعدم الانصياع لها، والخروج عن موقف التنديد والإدانة إلى التنفيذ العملي.
ويتفق الخبير في شؤون الاستيطان جمال العملة، مع سابقه بأن صفقة ترامب، تكرس المشروع الصهيوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتزيد من التغول عليها.
وقال العملة لصحيفة "فلسطين": إن صفقة ترامب قائمة على إنهاء القضية الفلسطينية، وإتاحة المجال لليهود بإقامة وطن قومي لهم في أرض فلسطين، والقضاء على إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967.
وعدّ اعتراف ترامب بالقدس عاصمةً للاحتلال ونقل سفارة بلاده إليها، ومحاولة إنهاء عمل "الأونروا"، ووقف الدعم المقدم للفلسطينيين، وإطلاق العنان لتوسيع المستوطنات ومحاولات ضم مناطق (ج) للاحتلال، وعدم إدانة كل ذلك "بمثابة تشريع لمواصلة الاستيطان والاحتلال".
وأكد أن الصفقة وما سرب عنها، باستيلاء الاحتلال على أراضٍ فلسطينية جديدة أو ضم الضفة الغربية لسيادته، يتناقض مع كل اتفاقيات وقرارات الشرعية الدولية، ويخالف قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، بإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967.
وتوقع العملة أن تتصاعد وتيرة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية، وتهجير بعض القرى والأحياء الفلسطينية وإحلال مكانها مستوطنات، وذلك بعد "ورشة البحرين" التصفوية المزمع عقدها نهاية الشهر الجاري في المنامة، والانتخابات الإسرائيلية المقبلة.
تحقيق الوحدة
وأشار العملة إلى أن صمود الفلسطينيين سيفشل كل المؤامرات التي تحاك ضد القضية الفلسطينية بما فيها خطة التسوية الأمريكية المعروفة بـ"صفقة القرن"، داعيًا لتحقيق الوحدة الوطنية والوقوف صفًّا واحدًا للتصدي لكل المؤامرات الدولية الهادفة لإنهاء القضية الفلسطينية.
وتضاعفت عدد المستوطنات المقامة على الأراضي الفلسطينية بالضفة الغربية والقدس المحتلتين، من 144 مستوطنة قبل توقيع اتفاق "أوسلو" إلى 515 مستوطنة وبؤرة استيطانية حتى أيلول/ سبتمبر 2018، وفق مركز أبحاث الأراضي التابع لجمعية الدراسات العربية.
وذكر المركز أن عدد المستوطنين تضاعف في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 بأكثر من ثلاث مرات، وارتفع من 252 ألفًا قبل أوسلو إلى حوالي 834 ألف مستوطن حتى 13 سبتمبر/ أيلول 2018.
وأضاف أن مساحة الأراضي التي تم الاستيلاء عليها لصالح المشروع الاستيطاني، كانت تبلغ قبل اتفاق أوسلو حوالي 136 ألف دونم، وأصبحت نحو 500 ألف دونم، أي بزيادة قدرها حوالي 368% مقارنة بما كانت عليه.