دعا قادة فصائل وخبراء قانونيون إلى بناء استراتيجية فلسطينية ترتكز على إنهاء الانقسام وحماية الثوابت الوطنية من أجل خلق فرصة حقيقية للتصدي لـ"صفقة القرن" والخروج من الواقع المأزوم للقضية الفلسطينية داخليا وخارجيا.
جاء ذلك خلال ورشة عمل، أمس، نظمتها نقابة المحامين الشرعيين في قطاع غزة، تحت عنوان "ورشة البحرين أبعادها وسبل مواجهتها"، بحضور عدد من منتسبي النقابة ومهتمين بالشأن السياسي.
وأكد القيادي في حركة الجهاد الاسلامي د. أحمد المدلل، أن ورشة البحرين التطبيعية لن تفلح في تجميل "وجه صفقة القرن القبيح"، معتبرا أن قبول أي دولة عربية أو إسلامية أن تكون واجهة للصفقة هو أمر معيب ومخجل سياسيا ووطنيا ودينيا.
وأعرب المدلل عن استنكاره لإعلان بعض الدول العربية نيتها المشاركة في ورشة البحرين، مؤكداً أنه لا يجوز لدولة عربية أن تستضيف مؤتمرا أو ورشة الهدف منها طعن الفلسطينيين وتصفية قضيتهم وهضم حقوقهم.
ونبه إلى أن الفرصة لا تزال قائمة لمراجعة المواقف من قبل الدول التي قبلت المشاركة، داعيا إياها إلى مراجعة موقفها الذي يعطي الاحتلال ضوء أخضر للاستمرار في عدوانه على الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته.
واستطرد المدلل أن خطورة ورشة المنامة هي محاولتها حرف البوصلة عن القضية المركزية للأمة وتحويلها إلى قضية إنسانية معيشية، مشددا على أن هذا الهدف لن يتحقق وخاصة أن "الشعب الفلسطيني لا يمكن أن يقايض حقوقه بكل أموال الدنيا".
وتابع: الوضع الفلسطيني ليس على ما يرام في ظل الانقسام وتغلغل الخلاف السياسي، واستغلال الاحتلال, من أجل تمرير سياساته القمعية والتطهيرية بحق الشعب الفلسطيني.
وطالب القيادي في الجهاد، قيادة السلطة بإبداء مواقف أكثر قوة تجاه رفض الصفقة، لافتا الى أن استمرار العقوبات ضد قطاع غزة والتفرد بالقرار السياسي الفلسطيني لا يمكن أن يقود إلى بناء جبهة وطنية موحدة في وجه المؤامرات.
وطالب أيضا بإعادة بناء منظمة التحرير وعقد حوار وطني شامل وجاد للاتفاق على استراتيجية وطنية موحدة وصياغة مشروع فلسطيني مقاوم واحد.
غير قانونية
ومن وجهة قانونية، أكد الخبير القانوني د. عبد الكريم شبير، أن "صفقة القرن" و "ورشة البحرين" تشكلان تعديا على قرارات دولية توافقت عليها دول العالم، وأعطت بموجبها الفلسطينيين الحق في إقامة دولتهم ولو بالحد الأدنى من حقوقهم المشروعة.
وشدد شبير على أن السبيل في مواجهة الصفقة الأمريكية لا بد أن يمر حتما بإنهاء الانقسام، وتبني استراتيجية فلسطينية تقوم على المشاركة السياسية، وتصليب الموقف الفلسطيني الرافض للصفقة وتوابعها.
وأشار إلى أن الصفقة في بنودها المسربة، تشكل وصفة حقيقية لإنهاء وجود الشعب الفلسطيني، معتبرا أنها "تمثل أعلى سقف للحلم الصهيوني بإقامة دولتهم المزعومة على التراب الفلسطيني".
ولفت إلى أن الصفقة تتجاهل قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181، والقرار الشهير لمجلس الأمن 242 الذي دعا إلى انسحاب الاحتلال من الأراضي التي احتلها في يونيو/حزيران 1967، والقرار 383، وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 194 الذي يطالب بعودة اللاجئين الفلسطينيين لديارهم وتعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم.
وأكد شبير أن التصدي للصفقة الأمريكية يقع أيضا على عاتق التجمعات والجاليات الفلسطينية والعربية في كل دول العالم عبر تكثيف النشاطات الكاشفة لخطورة الصفقة من ناحية، والمؤيدة للحق الفلسطيني من الناحية الأخرى.
من جهته، أكد مدير مركز مسارات للدراسات في قطاع غزة، د. صلاح عبد العاطي، أن السياق العام الذي جاءت فيه "صفقة القرن هو سياق غير صحي" بالنسبة للقضية الفلسطينية، مشيرا إلى أن الانقسام الفلسطيني والنكوص العربي والضعف الدولي ساهموا جميعا في تشجيع إطلاق تلك الصفقة.
وأوضح عبد العاطي أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أرادت الانتقال من مربع إدارة الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي إلى مربع إنهائه وفقا للرؤية الاسرائيلية، معتبرا أن هذا الانتقال سيكون بالقطع على حساب الحقوق الفلسطينية.
وأشار إلى أن مستقبل السلطة الفلسطينية في خطر الانهيار، وقد بدا واضحا من قطع أموال الضرائب الفلسطينية، واستمرار الاستيطان في الضفة وتقطيع أواصرها.
ورأى الحقوقي أن عنوان الورشة التي سيتم عقدها بعد أيام في البحرين، هو عنوان "مضلل وملتبس"، متسائلا عن كيفية وجدوى الازدهار لقطاع غزة الذي يقع تحت الحصار ولا توجد فيه أي مقومات للحياة الآدمية فضلا عن صناعة ازدهار واستثمار فيه؟!.
وأكد عبد العاطي أن سيناريوهات مواجهة الوضع القائم تتمثل بضرورة أن يقوم الفلسطينيون بصناعة مستقبلهم عبر الوحدة الوطنية، وبناء استراتيجية تدعم الصمود وتضمن مشاركة الكل الفلسطيني في إدارة الملف الفلسطيني بكل تفاصيله.