توالت الشبهات بتورط رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في قضايا فساد، ومؤشرات على زيادة الشعور لدى اليمين وحزب الليكود أنه بات يشكل عبئا عليهم، وأخيرًا فشل في تشكيل حكومة ووصول المفاوضات مع شركائه السياسيين إلى طريق مسدود.
بتلك المشكلات سيدخل نتنياهو الانتخابات الإسرائيلية المزمع عقدها في 17 أيلول سبتمبر القادم، مما يثير العديد من التساؤلات حول اقتراب النهاية السياسية للرجل "القوي" في الدولة العبرية، أم أنه قادر على المناورة؟.
التخلص من العبء
ورأى المختص في الشأن الإسرائيلي، نظير مجلي أن وضع نتنياهو في الانتخابات القادمة سيكون الأسوأ حسب المؤشرات القائمة حاليا، إذ ثبت أن هناك شعورا بدأ يتنامى لدى الليكود ومعسكر اليمين أنه تحول لعبء أكثر من نجم يقودهم نحو النصر.
وقال مجلي لصحيفة "فلسطين": "هناك شرخ بدأ يتضح ويتسع وشعور لدى قوى من اليمين أن نتنياهو يأخذهم لمشكلة جدية، خاصة أن النتائج في الانتخابات المقبلة – حسب التوقعات – لن تتغير وربما لن ينجح في تشكيل الحكومة واذا نجح سيضطر لتشكيلها مع حزب "أزرق أبيض" وهذا الحزب لا يريد نتنياهو فتظهر مشكلة جديدة مما قد يدفعه للاستقالة وتقديم الليكود لشخصية أخرى".
ولفت إلى أن بعض التسريبات الأخيرة لملفات الفساد التي أظهرتها تحقيقات شرطة الاحتلال، أظهرت نتنياهو أنه مرتشي بمستوى موظف صغير، يطلب الرشوة بطريقة مذلة عندما يريد الانتفاع من رجل ثري وهو ما قد يؤثر على مكانته لدى المجتمع الإسرائيلية وتجعله شخصية مهتزة.
وبين المختص في الشأن الإسرائيلي، أن هامش المناورة لدى نتنياهو محدود، فباتت الحلقة تلتف حول عنقه بملفات الفساد، خاصة أن لديه جلسة استماع في 2 أكتوبر/ تشرين أول القادم قد توجه إليه لائحة اتهام خلال قيامه بتشكيل الحكومة القادمة – إن نجح في الانتخابات – المزمع عقدها في 17 أيلول القادم.
ويعتقد مجلي، أن امكانية إسقاط نتنياهو ارتفعت نتيجة زيادة الشعور إسرائيليا بأنه شخص فاسد لدرجة كبيرة، ويضيع "فرصا تاريخية واستراتيجية" أمام دولة الاحتلال.
لكن هناك عنصر آخر، وفق مجلي، يمكن أن يحدد مستقبل نتنياهو وهي المعارضة ومدى قدرتها أن توضح للجمهور الإسرائيلي خطورة قضايا الفساد التي تلاحق نتنياهو وضررها على (إسرائيل)، لافتًا إلى نتنياهو "قد ينجح في التغلب على المعارضة مرة أخرى اذا لم تكن قوية".
4 أسباب وراء الفشل
ويضع المختص في الشأن الإسرائيلي، صالح لطفي، أربعة أسباب وراء فشل نتنياهو في تشكيل الحكومة الإسرائيلية على الرغم من حصوله على نفس المقاعد التي حصل عليها حزب "أزرق أبيض".
ويعتقد لطفي في حديثه لـ "فلسطين" أن السبب الأول وراء فشل نتنياهو متعلق بصراعه الشخصي مع رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان، مشيرًا إلى أن ليبرمان يرفض بقاء نتنياهو في الحكومة، وهناك خلاف بينهما حول كيفية التعامل مع غزة، بالإضافة للصراع على علاقة الدين بالسياسية فليبرمان يريد ابقاء (إسرائيل) علمانية.
والسبب الثاني، وفق لطفي، ابتزاز تيار "الحريديم" الديني لنتنياهو بالحفاظ على تجميد تجنيد أبناء التيار وصرف منح شهرية كمعونات لهم، والثالث صراع الأجيال داخل "الليكود" بين مجموعة نتنياهو التي تريد الاستفراد بمقدرات الحزب، وبين بقايا المدرسة الإصلاحية في الحزب التي تقدم الدولة على الحزب.
والسبب الرابع يتعلق باعتقاد الكتلة اليمينية داخل الليكود أن نتنياهو لديه استعداد بأن يكون الدين مصدرا أساسيا للتشريع وهو ما يريده التيار الديني المتشدد الإسرائيلي، لكن التيار اليميني بداخل الليكود يمنع نتنياهو من الموافقة، ولدى هذا التيار شعور أن نتنياهو يريد السلطة بأي ثمن حتى لو أدى لتدمير "مؤسسات الدولة"، وفق لطفي.
ويؤشر الفشل، والكلام للطفي، إلى أن هناك أزمة هوية داخل المجتمع الإسرائيلي، وأزمة ثقة بدأت تتغلغل داخل الأحزاب السياسية، مشيرًا إلى أنه في فترة الخمسينات من القرن الماضي حدثت أزمة سياسية مشابهة، وكاد الجيش أن يستولى على السلطة للحفاظ على "وجود الدولة"، حيث أن لدى لكن الكثير من الإسرائيليين تخوفات من تكرار هذا السيناريو.
ويعتقد أن أجهزة أمن الاحتلال توجه من خلف الأسوار قيادة الليكود للإطاحة بنتنياهو للحفاظ على "تماسك الدولة"، في ظل سعي نتنياهو للبقاء في السلطة على الرغم من قضايا الفساد الكبيرة التي تلاحقه، مشيرًا إلى أن "الليكود" سيجبر على إيجاد شخصية أخرى تقود الحكومة، وأن نتنياهو لن يكون رئيس الحكومة القادمة.